للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأصحاب في مَنْ دخل عليه صديقه. فقال: تَغَدَّ معي، فامتنع. فقال: إن لم تتغد معي فامرأتي طالقٍ. (فلم يفعل) (١): لا يقع الطلاق. ولو تَغَدَّى بعد ذلك معه وإنْ طال الزمان - انحلت اليمين. فإنْ نوى الحال فلم يفعل وقع الطلاق. وهو يخالف قولَ الأصوليين: إن الجوابَ الذي يستقل بنفسه، إلا أن العُرْف (٢) يقتضي عدم استقلاله، مِثْلَ هذه الصورة - في حكم (٣) الذي لا يستقل بوضعه؛ فيكون على حسب السؤال (٤). ورأي البغوي حَمْلُ المُطْلق (على الحال للعادة) (٥)، وهو يوافق


(١) سقطت من (ص).
(٢) في (ص): "الفرق". وهو تصحيف.
(٣) قوله: "في حكم. . . ." شبه الجملة جواب "إن" في قوله: "إن الجوابَ".
(٤) المعنى: أن قول الفقهاء بعدم وقوع الطلاق في صورة ما إذا لم ينو الحال - يخالف قولَ الأصوليين: إن الجوابَ المستقل بنفسه، لكن العرف لا يقتضي استقلاله، مثل الصورة المُمَثَّل بها: أنه في حكم غير المستقل بوضعه؛ فيكون على حسب السؤال، إن كان السؤال عامًا فعام، وإن خاصًا فخاص. يعني: أن قول القائل لصديقه: "إن لم تتغد معي فامرأتي طالق" مُطْلقٌ غير مُقَيَّد بزمن من حيث اللفظ، لكنه مُقَيَّد من حيث العرف، فهو كلام مستقل بنفسه لفظًا لا عرفًا، فَيُنَزَّل عند الأصوليين منزلةَ غير المستقل، فيعملون بمقتضى العرف لا بمقتضى اللفظ، فيُوقِعون الطلاق؛ لأن المراد عرفًا هو الغداء الذي في الحال، لا أيَّ غداء. وكلام الفقهاء هنا يخالف مقتضى القاعدة عند الأصوليين في حمل الكلام المستقل على العرف والعادة.
(٥) في (ص): "على إكمال العادة". وهو خطأ؛ لأن المعنى: أن البغوي يوافق الأصوليين في حمل المطلق - وهو زمن الغداء الوارد في المثال، فإنه مطلق يتحقق بأي زمن - على الحال، أي: على الغداء الذي يكون في حال التكلم، لا أي غداء في المستقبل، وذلك حملًا للكلام على العادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>