للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى. فتوهمتُ أنا ما توهمتُ مِنْ قوله: "ولا تصنع الأسباب شيئًا" إلى آخره، وهو وَهَم، وإنما مراده: أن الغضب وغيره من الأسباب التي يرد عليها الطلاق لا تَدْفع وقوع الطلاق، ولا تعلق لذلك بالمسألة الأصولية (١).

وقد احتج المصنف على أن (٢) العبرة بعموم اللفظ: بأن اللفظ صالح لتناول الأفراد؛ إذ هو عام، وكونه ورد على سببٍ لا يعارضه؛ لأنه لا منافاة بينهما، بدليل أن المُجيب لو قال: احملِ اللفظَ على عمومه، ولا تخَصِّصْه بخصوصِ سببهِ - كان ذلك جائزًا.

واعترض على هذا: بأنه لا ينافي كونَ السبب يدل بطريق الظهور على تخصيص العام به؛ لأن الذي ذُكِر احتمالٌ، والاحتمال لا ينافي الظهور،


(١) قد ذكر الزركشي اعتراض الشارح وتأويله لقول الشافعي دون أن يُصَرِّح باسم الشارح على عادته في كتابه "البحر المحيط" ينقل عنه كثيرًا، ويستفيد من فرائده وتحريراته كثيرًا، ولا يذكر اسمه بل يقول: قال بعضم، أو نحو هذا. وهذا خلاف الأولى، بل لا ينبغي. ثم اعترض على تأويله لكلام الشافعي فقال: ونحن نقول: بل العبرة في كلام الشافعي بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وقوله: "لا عمل للأسباب" على عمومه، ولا يخصه سياقه. اهـ. انظر: البحر المحيط ٤/ ٢٧٧ - ٢٧٨. وكذا نقل الإسنوي رحمه الله تعالى كلام الشافعي رضى الله عنه مستدلًا به على المسألة الأصولية، ورادًا به على دعوى إمام الحرمين رحمه الله تعالى، وقال بعد أن أورده: "فهذا نصٌّ بَيِّن دافع لما قاله (أي: ما قاله إمام الحرمين)، ولا سيما قوله: ولم يمنع ما بعده إلخ". نهاية السول ٢/ ٤٧٩.
(٢) سقطت من (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>