للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرادةٍ؛ لأنا نُشَاهِد الذاتَ قد تقع بدون هذين الشرطين، فتَعيَّن الحملُ على المجاز، وهو إضمار الصحة أو الكمال، وإضمار الصحة أرجح، لكونه أقرب إلى الحقيقة؛ لأن نَفْي الذات يستلزم نفي كل الصفات، ونَفْي الصحة أقرب بهذا المعنى؛ إذ لا يبقى معه وصفٌ ألبتة، بخلاف نَفْي (١) الكمال، فإن الصحة تبقى معه، وهي وصف (٢).

ولك أن تقول: ما ذكرتموه في هذين الحديثين منقدحٌ إذا قلنا: إن الصحة والفساد مما يعتوران الماهية الجَعْلية، أما إذا قلنا: إن (٣) الفساد يزيل اسمها - فَمَعْنى (٤) الحقيقة موجود (٥).


(١) في (ت)، و (غ): "وصف". والمعنى: بخلاف نفي وصف الكمال.
(٢) انظر: سلم الوصول ٢/ ٥١٤، مناهج العقول ٢/ ١٤٣.
(٣) سقطت من (ص).
(٤) في (ص): "فنفي". وهو تحريف.
(٥) المعنى: أن هذا التأويل للحديثين السابقين بحملهما على الصحة لا الكمال منقدح أي متجه وصحيح، إذا قلنا: إن وصف الصحة والفساد مما يتعاقبان على الماهية الجعلية، أي على نفس الذات التي جعلت ماهية، فهذه الذات لا يتحقق كونها ماهية إلا بوصف الصحة، وتنتفي ماهيتها بوصف الفساد. أما إذا جعلنا وصف الصحة والفساد متعاقبان على الماهية الموجودة - فهنا يكون ورود الصحة والفساد على الماهية حال وجودها، أي: الصلاة موجودة ماهيتها أولًا، ثم يرد على هذا الموجود وصف الصحة أو الفساد، فليست الصحة مُثْبِتة للوجود، ولا الفساد نافيًا له، بل مزيلًا للاسم فقط، أي مزيلًا عن هذه الماهية اسم الصلاة، وأما هي فموجودة. وهذا ينافي المراد من الحديث في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة إلا بطهور" وهو أن الصلاة لا وجود لماهيتها إلا بالطهور، فيكون التأويل بالصحة أبعد من التأويل بالكمال إذا قلنا بأن =

<<  <  ج: ص:  >  >>