للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (١)، وصحة التمسك بالقرآن إنْ توقفت على صحة النسخ عاد الأمر إلى أن نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - إنما تصح مع القول بالنسخ، ونبوته صحيحة قطعًا فدل على صحة النسخ (٢). وإن لم تتوقف عليها - صَحَّ الاستدلال بهذه الآية على جواز النسخ (٣).

وفي هذا الاستدلال نظرٌ ذَكَره الإمام في "التفسير"، وتقريره: أن {مَا نَنْسَخْ} جملةٌ شرطية معناها: إنْ ننسخ. وصِدْق الملازمة بين الشيئين لا يقتضي وقوعَ أحدِهما، ولا صحةَ وقوعه، ومنه قوله تعالى: {لَوْ كَانَ


(١) سورة البقرة: الآية ١٠٦.
(٢) المعنى: أننا إن قلنا: إنَّ حجية القرآن لا تثبت إلا بعد إثبات صحة النسخ؛ بناءً على أن القرآن ناسخ لأحكام الشرائع قبله - لزم من هذا أن نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تثبت إلا بصحة القول بالنسخ؛ لأن نبوته - صلى الله عليه وسلم - ناسخة لأحكام النبوات قبله. فلو أثبتنا النسخ بالقرآن لزم من هذا الدور.
والجواب: هو أن إثبات نبوته - صلى الله عليه وسلم - لا يتوقف على إثبات صحة النسخ؛ لأن نبوته - صلى الله عليه وسلم - ثابتة بالبراهين القاطعة وهي المعجزات التي جاء بها، فلزم من قطعية نبوته - صلى الله عليه وسلم - ثبوت النسخ. وواضح أن هذا الاستدلال إنما هو بالنسبة لليهود المنكرين لنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَيُلْزَمون بقطعية الأدلة على نبوته - على ثبوت النسخ.
انظر: نهاية الوصول ٦/ ٢٢٤٨ - ٢٢٤٩، نفائس الأصول ٦/ ٢٤٣٣.
(٣) لأن الآية تدل على النسخ من غير دور. وهذا الاستدلال إنما هو في حق المُسَلِّمين بأن هذا القرآن كلام الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>