(٢) فقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} هذا مُقَدَّم. {لَفَسَدَتَا} هذا تالي، ولا يلزم من صِدْق الملازمة وقوعُ الطرفين أو أَحَدُهما، فكذا قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} هذا مقدم. {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} هذا تالي، ولا يلزم من صدق الملازمة بين المقدم والتالي وقوعهما، أو وقوع أحدهما. انظر: آداب البحث والمناظرة للشنقيطي ص ٥١ - ٥٢. ونَصُّ كلام الإمام رحمه الله تعالى كما هو في التفسير الكبير ٣/ ٢٤٧: واعلم أَنَّا. . . في كتاب "المحصول" في أصول الفقه تمسكنا في وقوع النسخ بقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}، والاستدلال به أيضًا ضعيف؛ لأن "ما" ههنا تفيد الشرط والجزاء، وكما أن قولك: مَنْ جاءك فأكرمه، لا يدل على حصول المجيء، بل على أنه متى جاء وجب الإكرام، فكذا هذه الآية لا تدل على حصول النسخ، بل على أنه متى حصل النسخ وجب أن يأتي بما هو خير منه، فالأقوى أن نعوِّل في الإثبات على قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ}، وقوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}، والله تعالى أعلم. اهـ. وانظر: نفائس الأصول ٦/ ٢٤٣٢ - ٢٤٣٣، التحصيل ٢/ ١١، شرح الأصفهاني على المنهاج ١/ ٤٦٦. لكن قال الإسنوي رحمه الله تعالى: "وقد يقال: سبب النزول يدل على الوقوع، فإن سببه على ما نقله الزمخشرى وغيره: أن الكفار طعنوا فقالوا: إن محمدًا يأمر بالشيء ثم ينهى عنه؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية". نهاية السول ٢/ ٥٥٧. وانظر: الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٦١، على أن في الآية قرينة ظاهرة في الدلالة على أن النسخ من الممكنات الجائزات، لا المستحيلات الممتنعات، وهو قوله تعالى في آخر الآية: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ ولذلك قال الشوكاني رحمه الله تعالى: "وقوله: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} يفيد أن النسخ من مقدوراته، وأن إنكاره إنكار للقدرة الإلهية". فتح القدير ١/ ١٢٧، بل الإمام رحمه الله تعالى يدل تفسيره لهذا المقطع على هذا المعنى حيث قال: "أما =