للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أنا لا نسلم أن المقطوع لا يُدْفع بالمظنون، ألا ترى أنَّ انتفاء الأحكام قبل ورود الشرائع مقطوعٌ به عندنا، وثبوت الحظر أو الإباحة مقطوعٌ به عند آخرين (١)، ثم إذا نُقِل خبرٌ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - آحادًا - يَثبت العملُ به ويَرتفع ما تقرر قبل ورود الشرائع (٢). ذكره القاضي أيضًا (٣).

وثالثها: أَنَّا مهما جَوَّزنا نسخ النص بخبر الواحد - فلا نسلم مع ورود خبر الواحد كونَ النصِّ مقطوعًا به، فإنا لو قلنا ذلك لَزِمنا أن نقطع بكذب الراوي، وهذا ما (٤) لا سبيل إليه، ذكره القاضي أيضًا (٥).

ومراده: أن المقطوع به إنما هو أصل الحكم لا دوامه، (والنسخ لم يرد على أصل الحكم، وإنما قَطَع دوامَه) (٦) (٧).

ومنهم مَنْ ضَعَّف هذا الدليل بوجهين آخَرَيْن:

أحدهما: مَنْع لزومِ ترجيح الأضعف على الأقوى (٨)، وسنده: أن الكتاب والسنة المتواترة وإنْ كانا مقطوعي المتن، لكنهما مظنونا الدلالة.


(١) وهم المعتزلة، كما سبق في مسألة حكم الأشياء قبل ورود الشرع.
(٢) أي: من نفي الأحكام، أو ثبوت الحظر أو الإباحة.
(٣) انظر: التلخيص ٢/ ٥٢٦.
(٤) في (ت)، و (غ): "مما".
(٥) انظر: التلخيص ٢/ ٥٢٦.
(٦) سقطت من (ت).
(٧) يعني: فالتعارض إنما هو بين خبر الواحد وبين دوام الحكم، وكلاهما ظنيان، فجاز رفع الدوام بخبر الواحد.
(٨) يعني: منع كون نسخ خبر الواحد للمتواتر مِنْ قبيل ترجيح الأضعف على الأقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>