للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل الإمام على أن الفحوى يَنسخ: بأن دلالته إن كانت لفظية فظاهر. وإن كانت عقلية، قال القرافي: يعنى قياسية، أي: أدرك العقل الحكمةَ التي لأجلها وَرَد الحكم، فأَلْحق السكوتَ بالمنطوق قياسًا (١). قال الإمام: فهي يقينية، فتقتضي (٢) النسخَ لا محالة (٣).

ولقائل أن يقول: إن (٤) القياس ليس يقينيًا؛ لاحتمال غلطنا في أن ذلك الحكم في الأصل مُعَلَّل، وأن العلة هي ما ذكرنا، فلعل العلة غيرها، ولعلها تقتضي نفي ما نريد إثباته. والمسألة خلافية بين العلماء، ولا قاطع


= - رحمه الله - قال: "وكذا جزم ابن السمعاني، قال: لأنه مثل النطق أو أقوى منه. قال: لكن الشافعي جعله قياسًا، فعلى قوله لا يجوز نسخ النصِّ به. ونقل الآمدي والإمام فخر الدين الاتفاق على أنه يُنسخ به ما يُنسخ بمنطوقه، وهو عجيب، فإن في المسألة وجهين لأصحابنا، وغيرهم، حكاهما الماوردي في "الحاوي"، والشيخ في "اللمع"، وسليم، وصححا المنع. قال سليم: وهو المذهب؛ لأنه قياس عند الشافعي، فلا يقع النسخ به. ونقله الماوردي عن الأكثرين، قال: لأن القياس فرع النص الذي هو أقوى، فلا يجوز أن يكون ناسخًا له. قال: والثاني، وهو اختيار ابن أبي هريرة وجماعة: الجواز؛ لأنه لما جاز أن يرد التعبد في فرعه بخلاف أصله - صار الفرع كالنص، فجاز به النسخ. وإن كان أصله نصًا في القرآن جاز أن ينسخ به القرآن، وإن كان أصله نصًا في السنة جاز أن يُنسخ به السنة دون القرآن". البحر المحيط ٥/ ٣٠١، وانظر: شرح الكوكب ٣/ ٥٧٦.
(١) انظر: نفائس الأصول ٦/ ٢٥١٠، مع تصرف.
(٢) في (ص): "فيقتضي". والمعنى عليه: فيقتضي الفحوى.
(٣) انظر: المحصول ١/ ق ٣/ ٥٤٠.
(٤) سقطت من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>