للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يراجعها؛ إذ لو فَعَل ذلك لاشْتَهر.

ويُكَذِّبه أيضًا عدمُ مراجعتنا؛ إذ لو كان متعبَّدًا لوجب على علمائنا الرجوعُ إلى كتبهم (تأسيًا به) (١).

وهذا الوجه هو الذي اعتمد عليه القاضي - رضي الله عنه - (٢)، وكذلك إمام الحرمين، وقال: "هو المسلك القاطع، فإن الصحابة كانوا يترددون في الوقائع بين الكتاب والسنة، والاجتهاد إذا (٣) لم يجدوا مُتَعلَّقًا فيهما، وكانوا لا يبحثون عن أحكام الكتب المنزَّلة على مَنْ قبل نبينا - صلى الله عليه وسلم - (٤)، وكذلك مَنْ بعدهم من التابعين وتابعي التابعين لم يفزعوا قط في جزئية ولا كلية إلى النصارى واليهود، ولا التفتوا نحو التوراة والإنجيل بشَفَةٍ ولا إيماء، مع تقابل الأمارات، وتزاحم المشكلات، ولقد كانوا يَجْتَزون (٥) بقياس الشبه (٦)، وطرق الترجيح والتلويح (٧)، فكان ذلك إجماعًا قاطعًا،


(١) في (ص): "بأسبابه".
(٢) انظر: التلخيص ٢/ ٢٦٨ - ٢٧٢.
(٣) في (ص): "إذ". وهو خطأ.
(٤) إلى هنا انتهى كلام إمام الحرمين - رحمه الله - في البرهان ١/ ٥٠٤ - ٥٠٥، وما بعده مقتبس من التلخيص (٢/ ٢٧١ - ٢٧٢) بتصرف.
(٥) أي: يكتفون. قال في المصباح ١/ ١٠٩: "وأما أجزأ، بالألف والهمز - فبمعنى: أغنى. . . وأجزأ الشيءُ مَجْزَأ غيرِه: كفى وأغنى عنه، واجْتَزَأتُ بالشيء: اكتفيت"، مادة (جزى).
(٦) في (ت): "السير". وهو خطأ من الناسخ؛ لأن نُسَخ الأقدمين غير منقوطة، فظن الشين سينًا، وظن الهاء راءً، هذا مع كون ناسخ (ت) في عصر متقدم حسب ما هو مكتوب على النسخة.
(٧) في (ص): "التلويح والترجيح". والمراد بالتلويح: الإشارات التي تلوح وتبدو من الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>