للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبرهانًا واضحًا، على عدم الرجوع إلى ذلك؛ (إذ لو كنا) (١) مخاطَبين بشرائع مَنْ قبلنا لبحث علماؤنا عنها، كما بحثوا عن مصادر الشريعة ومواردها".

قال القاضي: "فإن قال الخصوم: بأن (٢) ذلك امتنع عليهم من جهة أنَّ أهل الأديان السالفة (٣) حَرَّفوا وَبدَّلوا، ولم يبق مِن نَقَلَة كتبهم مَنْ يُوثق به، (حتى قال أهل التواريخ: لم يبق مَنْ يقوم بالتوراة بعد عُزَير، ولا بالإنجيل بعد بَرْخيا) (٤).

قيل: لهم: الجمع بين هذا السؤال والمصير إلى الأخذ بشرع مَنْ قبلنا - تصريحٌ بالتناقض (٥) (٦)؛ لأن سياقه يجر إلى أنه لا يجب تتبُّع الشرائع المتقدمة؛ لمكان التباسها، واندراسها، وصيرورةِ التكليف بها تكليفًا بالمستحيل؛ لعدم التمكن من الوصول إليه فكأنكم وافقتم المذهب وخالفتم العلة (٧).

وأيضًا: فلو كان لنا تَعَلُّقٌ في شرع مَنْ قبلنا لنبهنا الشرعُ على مواقع


(١) في (ص): "إذ لو كانوا" والمثبت موافق لما في "التلخيص" ٢/ ٢٧١.
(٢) في (ت)، و (غ): "إن".
(٣) في (ت)، و (غ): "السابقة".
(٤) هذه زيادة من الشارح رحمه الله، ليست في "التلخيص".
(٥) يعني: وقع الخصوم في التناقض؛ لأنهم يرون الأخذ بشرائع مَنْ قبلنا، مع اعترافهم بعدم القدرة على معرفتها؛ لكونها محرفةً ومبدلة.
(٦) ما بعد هذا مقتبس من البرهان ١/ ٥٠٥، مع بعض الزيادة.
(٧) أي: فكأنكم، وافقتم مذهب المانعين من التعبد بالشرائع السابقة، ولكن بعلةٍ غير علتهم، فهم يُعَلِّلون المنع بكوننا غعرو مخاطبين بها، وأنتم عللتم المنع بتعذر معرفتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>