للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: لجاز مِثْلُه في أحد الخبرين عن الجمع الكثير دون الآخر - فممنوع؛ لأنه يجوز أن تختلف في ذلك عادة الله تعالى، فاطرد عادته بخلق العلم الضروري عقيب إخبار الجمع الكثير، ولم يطرد ذلك (١) عقيب إخبار الجمع القليل، بل تختلف فيه عادته، فتارةً يخلق وتارةً لا يخلق، كما أن عادته مطردةٌ بخلق الحفظ عقيب التكرار على البيت الواحد من الشعر ألف مرة، ولم تطرد عادته بخلقه عقيب التكرار عليه مرةً أو مرتين.

وثانيهما: الفَرْق بين الرواية والشهادة، وذلك أن الشهادة تقتضي شرعًا خاصًا، فتواطؤ الشهود على الكذب في المشهود عليه غير مستبعد، بخلاف الرواية ولذلك يُشترط في الشهادة ما لا يشترط في الرواية (٢).

قوله: "وشُرِط"، علمتَ مذهب الجماهير، وقد ذهب مَنْ سواهم من الخائضين في هذا الفن إلى اشتراط العدد، ثم تضايقت مذاهبهم فيه، فلم يغادروا على اختلاف الآراء عددًا في (٣) الشرع هو مُرْتَبَط حكمٍ أو جارٍ وفاقًا في حكاية حالٍ، إلا مال إليه منهم مائل.

فذهب ذاهبون إلى اشتراط اثني عشر، كعدد نقباء موسى عليه السلام؛ لأن موسى عليه السلام نصبهم ليعرِّفوه أحوال بني إسرائيل، قال الله تعالى: {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} (٤)، وإنما خَصَّهم بذلك العدد


(١) سقطت من (ت).
(٢) انظر: الفروق ١/ ٤.
(٣) في (ص): "من".
(٤) سورة المائدة: الآية ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>