للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لا يطاق، وهو العلم بصدقه من غير سبيل مؤدٍّ إلى العلم. فأما إذا قال: ما أكلف الخلقَ اتباعي، ولكن أُوحيَ إليَّ - فلا يُقطع بكذبه" (١).

قلت: وهذا كله يجب أن يكون فيما إذا كان من ادعى النبوة قبل محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وأما بعده فيقطع بكذبه؛ لقيام القاطع على أن لا نبي بعده. وهذا راجع إلى القسم الأول، وهو ما علم خلافه استدلالا.

قال: (مسألةٌ: بعض ما نُسِب إلى الرسول (٢) - صلى الله عليه وسلم - كذب؛ لقوله: "سَيُكْذبُ عليَّ"؛ ولأن منها ما لا يقبل التأويل، فيمتنع صدوره عنه).

بعض الأخبار المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطريق الآحاد مقطوعٌ بكذبه؛ لوجهين:

أحدهما: أنه رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "سَيُكْذب عليَّ" (٣)، فإن صح هذا الحديث - لزم وقوعُ الكذب عليه؛ ضرورةَ صدقه فيما يفوه به.

وإنْ لم يصح مع كونه رُوي عنه - فقد حصل الكذب فيما رُوي عنه، ضرورةً أن هذا الخبر مِنْ جملة ما رُوي عنه، لكن على هذا التقدير يتعين الموضوع عليه، وهو هذا الخبر، والدعوى كانت مبهمةً في بعضٍ غير معيَّن.


(١) انظر: البرهان ١/ ٥٩٦ - ٥٩٧.
(٢) في (ت): "النبي".
(٣) قال مُلَّا علي قاري - رحمه الله تعالى - في "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" ص ٢٢١: قال ابن الملقِّن في "تخريج البيضاوي": هذا الحديث لم أره كذلك. نعم في أفراد مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: "يكون في آخر الزمان دجَّالون كذَّابون". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>