للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: نلتزم صحته، ولا يلزم وقوع الكذبِ في الماضي الذي هو المدّعى؛ لأنه قال: "سَيُكْذب" بصيغة المضارع، فيجوز أن يقع في المستقبل (١).

قلت: السينُ الداخلةُ على "يُكْذب" وإن دلت على الاستقبال فإنما تدل على استقبال قليلٍ، بخلاف سوف، كما نصوا عليه (٢)، وقد حصل هذا الاستقبال القليل بزيادة.

واعلم أن هذا الحديث لا يُعرف، ويُشبه أن يكون موضوعًا.

الثاني: أن مِنْ جملة ما رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - ما لا يقبل التأويل، إما لمعارضة الدليل العقلي، أو غير ذلك مما يُوجب عدمَ قبوله للتأويل، فيمتنع صدوره عنه عليه السلام قطعًا.

قال: (وسببه: نسيان الراوي، أو غلطه، أو افتراء الملاحدة لتنفير العقلاء).

سبب وقوع الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم -:

إما نسيان الراوي؛ لطول عهدٍ بالخبر المسموع، أو غير ذلك، فربما حَمَل النسيانُ على نَقْص ما يُخِلُّ بالمعنى، أو رفع ما هو موقوف، أو غير ذلك من آفات النسيان.


(١) ولزيادة التفصيل انظر: حاشية البناني على المحلي ٢/ ١١٨.
(٢) هذا هو مذهب البصريين، أما مذهب الكوفيين فالسين وسوف مترادفان، وليست المدة مع "سوف" أوسع، بل هما مستويان. انظر: مغني اللبيب ١/ ١٥٨، ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>