للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن خبر الفاسق لا يفيد ذلك، حتى يحسن أن يقال: {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ}، بل إنما يفيد النوع الأول (١)، وخبر الواحد العدل يشاركه في ذلك؛ فوجب أن لا يُقبل.

وأجيب: بأن الظن كثيرًا ما يطلق على العلم (٢)، والعلم على الظن (٣)، فالجهالة والجهل يُستعمل (٤) فيما يقابل هذين المعنيين (٥)، فالمَعْنِيُّ من الجهالة هنا: ضد العلم الذي بمعنى الظن، فتكون عبارة عن: عدم الظن، فالعمل بخبر الفاسق عمل (٦) بجهالة؛ لأنه ليس فيه علم، أي: ظن. وأما العمل بخبر


(١) أي: إنما قلنا: بأن خبر الفاسق لا يفيد القطع بالشيء مع كونه ليس كذلك؛ وذلك ليحسن التعليل بعدم قبوله في قوله تعالى: {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ}، والجهالة عبارة عن عدم القطع بالشيء، فيكون خبر الفاسق مفيدًا لذلك، ومن أجله رددناه. وإلا فلو كان مفيدًا للقطع فكيف يستقيم تعليل ردِّه بالجهالة!
(٢) ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} , وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}.
(٣) ومنه قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}.
انظر: التفسير الكبير ٢٩/ ٣٠٦.
(٤) في (ت)، و (غ): "فيستعمل". وهو خطأ، والمثبت موافق لما في نهاية الوصول ٧/ ٢٨٢٩، والكلام منقول منه.
(٥) المعنى: أن العلم يطلق على الظن، وبالعكس. فالجهالة والجهل يستعمل فيما يقابل هذين المعنيين، يعني: أن الجهالة تستعمل إما مقابل العلم، وإما مقابل الظن، فهي ضد العلم والظن.
(٦) في (ص): "تحمل". وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>