للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواحد العدل فليس كذلك (١).

الدليل الثالث: قياس خبر الواحد على الفتوى والشهادة بجامع تحصيل المصلحة المظنونة، أو دفع المفسدة المظنونة.

واعترض الخصم فقال: الفرق أن الفتوى والشهادة يقتضيان شرعًا خاصًا ببعض الناس، وهو المستفتي والمشهود له أو عليه، بخلاف الرواية فإنها تقتضي شرعًا عامًا لكل الناس، فلا يلزم مِنْ تجويز العمل بالظن الذي هو مَعْرِض الخطأ والصواب في حق الواحد - تجويزُ العمل به في حق كافة الناس.

وأجيب: بأن هذا مردودٌ بشرعية أصل الفتوى، فإنه أمرٌ لكل الخلق باتباع الظن.

وفيه نظر؛ فإن عموم شرع الفتوى ليس كعموم شرع الرواية؛ لأن الرواية تشمل المكلفين أجمعين، والفتوى ليست حجة على المجتهدين، فكان العموم فيها دون العموم في الرواية (٢).

وأيضًا فالمسألة علمية، والقياس غير كاف فيها.

وقد ذكر القاضي في "مختصر التقريب" هذا الوجه، أعني: القياس


(١) أي: العمل بخبر الواحد العدل ليس عملًا بجهالة؛ ضرورة أنه يفيد الظن، فليس فيه جهالة بمعنى عدم الظن.
انظر: نهاية الوصول ٧/ ٢٨٢٩.
(٢) يعني: فتوى المجتهد ليست حجة على غيره من المجتهدين، بل حجة على العوام المقلِّدين؛ فكان العموم في الفتوى دون العموم في الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>