للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظن، وإذا ظَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صِدْقهم حصل القطع بكونهم صادقين، (ضرورة أنَّ) (١) ظنه - صلى الله عليه وسلم - لا يخطئ، فيجب العمل بهذا الظن، ولا يقاس عليه ظَنُّ مَنْ عداه. وهذا بحث حسن يختص بقضية (٢) ذي اليدين وما أشبهها، ويستفاد منه التفرقة بين ظان وظان، ولا يقال على هذا: أليس أنَّ خبر ذي اليدين يفيد الظن بمجرده؟ ؛ لأنا نقول: مِنْ أين لكم أن الظن حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - بخبره، بل نقول: لو حصل له الظن لاتبعه؛ لِمَا ذكرناه. ثم قال القاضي: إنَّ ما استروح إليه الخصم لا يبلغ أن يكون استفاضةً، بخلاف ما اعتمدنا نحن عليه، فلا يكون مقاوِمًا له (٣).

وهذا صحيح، والإنصاف عدم الاعتراض بشيءٍ من هذه الوقائع، فما مِنْ واحدة إلا وفيها جواب يخصُّها، بل لو لم يُعْلم الجواب الخاصُّ بها - لقلنا (٤): قضية الجمع بين ما رويناه ورويتموه إنْ تم لكم أنه يعارضه أن نقول: رَدُّوا خبرَ الواحد حيث فَقَد شَرْطًا من شروطه، أو حصل الشك فيه بطريقٍ من الطرق. وقَبِلوه حيث سَلِم عن ذلك، ونحن إنما ندعي قبولَه حالة السلامة عن معارِض أو قادِح.

والمسلك الثاني: السنة، وذلك أنا نعلم باضطرار من عقولنا أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل الرسل، ويُحَمِّلهم تبليغ الأحكام،


(١) في (ص): "ضرورةً، إذ".
(٢) في (غ): "بقصة".
(٣) هذا معنى ما قاله القاضي. انظر كلامه في التلخيص ٢/ ٣٤٦ - ٣٤٧.
(٤) في (ت)، و (غ): "لدلنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>