للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما بعث هؤلاء ليدعوا إلى دينه، وليقيموا الحجة عليهم، وعلى هذا جرت عادته - صلى الله عليه وسلم -، وليس يخفى ذلك على العلماء المُبَرِّزين، بل على الجهال الذين لا خبرة لهم بأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولا يَمتري في أنهم بَلَّغوا أخبارًا تلقاها سامعها بالقبول غير ناظرٍ إلى خبرٍ آخرَ يعضدها، ويُصَيِّرها تواترًا، ولا مُلتفتٍ إلى قرينةٍ تساعدها وتُصَيِّر الظن الحاصل بها عِلْما، بل لا يمتري المحدِّث في أنَّ أهل بقاعٍ كثيرةٍ وقرى متفرقةٍ (لم تبلغهم) (١) الأحكام إلا مع الآحاد، وعملوا بها ممتثلين مكلَّفين بما بلغهم على يد الآحاد منها. هذا (٢) ما عندنا في جواب هذين السؤالين، وهو جواب لا يقبله إلا منصف، ولا يرده إلا متعسف.

وقال صفي الدين الهندي: "يمكن أن يجاب عن الأول (٣): بأن الإفتاء في الزمان الأول في الأغلب إنما هو برواية الأخبار؛ لاشتراكهم في العلم بما يتوقف عليه استنباط الأحكام من النصوص، كالعلم باللغات، والنحو، والتصريف؛ ولهذا كانوا يسألون عند وقوع الواقعة: مَنْ سمع منكم في هذه الواقعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ويبادرون إلى امتثال الخبر عند سماعه، ولو كان


= مكاني فاجعل إليّ بعض الأمر أتبعك. وأجاز سليطًا بجائزة، وكساه أثوابًا من نسج هَجَر. فقدم بذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابه، وقال: لو سألني سِيابة (أي: قطعة) من الأرض ما فعلت، باد وباد ما في يديه. فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هُوذة مات. . ."
(١) في (ت): "لم يبلغهم".
(٢) سقطت من (ت).
(٣) هو أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث الآحاد للفتوى والقضاء وغيرهما، لا لتبليغ الأخبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>