للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من الشافعي يدل على أن قوله: من السنة ظاهرٌ في أنَّ المراد به سنةُ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ما لم يقم دليلٌ على أن المراد سنة البلد أو غير ذلك. ويدل أيضًا على أن هذا لا يختص بالصحابي، بل يعم كلَّ متكلم على لسان الشرع، كمالكٍ وغيره (١).

وحجة الأولين: ما تقدم في "أُمِرْنا ونُهِينا".

وهذه الدرجة دون الرابعة؛ لاحتمالها ما تحتمل تلك مع زيادة احتمال سنةِ البلد، أي: طريقته، أو غير ذلك. وإمام الحرمين قال: "إنها بمثابة تلك" (٢). وكأنه رأى هذا الاحتمال مرجوحًا؛ لبعده من المتكلم على لسان الشريعة، ومالك - رضي الله عنه - وإنْ كان قد وقع منه قوله: "من السنة"، مع إرادته سنة البلد - فما ذلك إلا لأن إجماع المدينة عنده حجة، فكانت طريقتها (٣) عنده من السنة لذلك، فلذلك أطلق قوله: "من السنة"، وأراد سنة المدينة، ولا يقع منه ذلك في بلدٍ غيرها.

السادسة: أن يقول: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. واختلفوا فيه:

فقال قوم بظهوره في أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيكون حجة، وهو رأي المصنف وصفي الدين الهندي (٤). وأما الإمام


(١) انظر المجموع ١/ ٥٩ - ٦٠، وانظر: شرح مسلم ١/ ٣٠ - ٣١. وانظر: الأم ٥/ ١٠٧، البحر المحيط ٦/ ٣٠٣ - ٣٠٤.
(٢) أي: قوله: "من السنة كذا" بمثابة قوله: "أُمرنا بكذا". انظر: البرهان ١/ ٦٥٠.
(٣) في (ص)، و (غ): "طريقها".
(٤) والقاضي عبد الجبار، وهو الذي رجَّحه الشارح في "جمع الجوامع"، وتابعه =

<<  <  ج: ص:  >  >>