للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الثاني: قال الإمام: "وهو الأقوى، أنا نعلم بالضرورة أن الصحابة الذين رَوَوْا هذه الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يكتبونها في ذلك المجلس، ولا يكررون عليها فيه، بل كما سمعوها تركوها، وما رَوَوْها إلا بعد الأعصار والسنين، وذلك يوجب القطع بتعذر روايتها على تلك الألفاظ" (١).

والثالث: أن الصحابة رضي الله عنهم ربما نقلوا القصة الواحدة بألفاظٍ مختلفة، وكتب الحديث تشهد بذلك، ومن الظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر تلك القصة بجميع تلك الألفاظ، بل نحن في بعضها (٢) قاطعون بذلك، وكان هذا شائعًا بينهم ذائعًا غير مُنْكَرٍ من أحد، فكان إجماعًا على نقل الحديث بالمعنى (٣).

قال أبو المظفر بن السمعاني: "ومما يدل على ذلك رواية الصحابى المَنَاهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثل: نهيه عن بيعتين في بيعة (٤)،


(١) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ٦٧١.
(٢) أي: في بعض الألفاظ.
(٣) انظر: نهاية الوصول ٧/ ٢٩٦٨ - ٢٩٦٩، الإحكام ٢/ ١٠٤.
(٤) أخرجه الترمذي ٣/ ٥٣٣، في كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة، رقم ١٢٣١. والنسائي ٧/ ٢٩٥ - ٢٩٦، في كتاب البيوع، باب بيعتين في بيعة، من حديث أبي هريرة. وفي الباب حديث عبد الله بن عمرو وابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم. قال الترمذي: "حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. وقد فسَّر بعض أهل العلم قالوا: بيعتين في بيعة أن يقول: أبيعك هذا الثوب بنَقْدٍ بعَشَرة، وبنسيئةٍ بعشرين، ولا يفارقه على أحد =

<<  <  ج: ص:  >  >>