للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعموم هذا المقتضِي (١).

الوجه الرابع: أن السبيلَ حقيقةٌ في الطريق الذي يحصل فيه المشي، ولا شك أنه غير مراد ها هنا، فتعيَّن حملُه على المجاز: وهو إما الدليل الذي أجمعوا على الحكم لأجله، أو نفس الإجماع. والأول أولى؛ فإنَّ بين الدليل الذي يدل على ثبوت الحكم وبين الطريق الذي يحصل فيه المشي مشابهةً قويةً، فإنه كما أن الحركة البدنية في الطريق السلوك تُوصِل البدن إلى المطلوب، فكذا الحركة الذهنية في مقدِّمات ذلك الدليل تُوصِل الذهنَ إلى المطلوب، والمشابهة (٢) إحدى جهاتِ حُسْن المجاز، وإذا كان كذلك فإنما يجب الأخذ بالدليل الذي لأجله أجمعوا، لا بإجماعهم.

وجوابه: أن السبيل يُطلق على الإجماع أيضًا؛ إذ لا نزاع في أنَّ أهل اللغة يطلقون لفظ السبيل على ما يختاره الإنسان لنفسه من قولٍ أو عملٍ، وقد قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} (٣) وقال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} (٤)، وإذا كان مجازًا ظاهرًا في الإجماع حُمِل عليه دون غيره مِنْ مجازاته؛ لظهوره فيه؛ ولعموم فائدة الإجماع، إذِ الإجماع يَعْمل به المجتهد والمقلِّد، والدليل إنما يعمل به المجتهد.


(١) انظر جوابَي الإمام في المحصول ٢/ ق ١/ ٧٦.
(٢) في (ت): "والمشابهات".
(٣) سورة يوسف: ١٠٨.
(٤) سورة النحل: ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>