للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل (١). قال الجوهري: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، أي: عدولًا (٢).

وأما ما ذكرتموه فالجواب عن الأول: أنه باطل على مذهبنا، بل الكل مِنْ فعل الله تعالى. قلت: ثم إنَّ العدالة كما مَرَّ في تعريفها ليست عبارةً عما ذَكَر، بل هي مَلَكَةٌ في النفس، وما ذَكَر تتحقق تلك الملكةُ به، والمَلَكة مِنْ فعل الله تعالى.

وعن الثاني: وإليه أشار في الكتاب بقوله (٣): "قلنا: حينئذٍ لا مزية لهم": أن جميع الأمم عدول في الآخرة، فلو كان المراد صيرورتهم عدولًا في الآخرة - لم يبق في هذه الآية تخصيص لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بهذه المزية والفضيلة، وأيضًا فكان يقول: سيجعلكم (٤)، لا {جَعَلْنَاكُمْ}.

وقد عَرَض للاعتراض كلامان:


= قال: "إنَّ لكل شيءٍ طرفين ووسطًا، فإذا أمسك بأحد الطرفين مال الآخر، وإذا أمسك بالوسط اعتدل الطرفان، فعليكم بالأوسط من الأشياء". ويشهد لهذا كله قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} , وقوله: {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}. اهـ.
(١) انظر: لسان العرب ٧/ ٤٢٧ - ٤٢٨، مادة (وسط).
(٢) انظر: الصحاح ٣/ ١١٦٧، مادة (وسط)، والذي في الصحاح: "أي: عدلًا".
(٣) سقطت من (ت).
(٤) كذا في (ت)، و (ص)، ولو قال: "سنجعلكم" - لكان أحسن؛ لأنه المناسب لقوله: "جعلناكم"، وهو الذي في المحصول ٢/ ق ١/ ١٠٠، والحاصل ٢/ ٦٩١، ونهاية السول ٣/ ٢٦٠. وفي نهاية الوصول ٦/ ٢٤٧٤: "سيجعلكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>