للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٍ لم تبرح دارَ العلم، وآثارُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بها أكثر، وأهلُها بها أعرف. إذا (١) عُرِف هذا فقد اسْتُدِل على حجية إجماع (٢) أهل المدينة بما صح وثبت من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما المدينة كالكير تَنْفي خَبَثَها وتَنْصَعُ طَيِّبَها" (٣)، والاستدلال بهذا كما ذكره المصنف ضعيف؛ لأن الحمل على الخطأ متعذر؛ لأنا نشاهد صدورَ الخطأ من بعض سكانها، وكونها من أشرف البقاع لا يُوجب عصمةَ ساكنيها (٤).


(١) في (غ): "وإذا".
(٢) سقطت من (ت).
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٠٦، والبخاري في صحيحه ٢/ ٦٦٥، كتاب الحج، باب المدينة تنفي خبثها، رقم ١٧٨٤، وانظر الأرقام: ٦٧٨٣، ٦٧٨٥، ٦٧٩٠، ٦٧٩١. ومسلم في صحيحه ٢/ ١٠٠٦، كتاب الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم ١٣٨٣. والترمذي ٥/ ٦٧٧، في كتاب المناقب، باب في فضل المدينة، رقم ٣٩٢٠. والنسائي ٧/ ١٥١، في كتاب البيعة، باب استقالة البيعة، رقم ٤١٨٥. فائدة: قال ابن حجر - رحمه الله - في الفتح ٤/ ٩٧: "قوله: (وتنصع) بفتح أوله وسكون النون وبالمهملتين، من النصوع: وهو الخلوص. والمعنى: أنها إذا نفت الخبثَ تميَّز الطِّيبُ واستقر فيها. وأما قوله: (طيبها) فضبطه الأكثر بالنصب على المفعولية، وفي رواية الكُشْمِيهَنيّ بالتحتانية أوله (أي: بالياء، فيقول: ويَنْصَعُ) ورَفْعِ طيِّبِها على الفاعلية. وطيِّبُها للجميع بالتشديد".
(٤) وقد ضَعَّف الاستدلال بهذا الحديث ابنُ الحاجب رحمه الله، وقال الأصفهاني في بيان المختصر ١/ ٥٦٧: "أجاب المصنف: بأن هذا الاستدلال يعيد؛ فإنَّ الحديث الأول ورد لطائفة كرهوا الإقامة بالمدينة، فيكون نَفْي الخبث إشارةً إلى نفي تلك الطائفة، لا إلى نفي الخطأ. ولأنه لا يدل على أن إجماع أهل المدينة دون غيرهم حجة. ولأن الخبث لا يمكن حملُه على الخطأ بطريق العموم؛ لأنا نقطع بخطأ بعض أهل المدينة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>