للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الثانية للخصوم: ما روي من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تعمل هذه الأمة برهة - أي قطعة - من الزمان بكتاب الله ثم تعمل برهة بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ تعمل برهة بالرأي، فإذا قالوا بالرأي، فقد ضلّوا وأضلّوا" (١).

الثالثة: الإجماع فإنّه قد نقل عن بعض الصحابة ذمّ الرأي من غير نكير، فكان إجماعًا (٢).

والجواب عن هذين الدليلين بأنَّهما معارضان بمثليهما سنّة وإجماعًا، كما سلف فيجب الجمع بين الدليلين، بأنْ يحمل الذمّ على القياس الفاسد دون الصحيح، كما سبق. هذا ما في الكتاب.


(١) الحديث رواه أبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: "تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله ثمّ تعمل برهة بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تعمل بالرأى فإذا عملوا بالرأي فقد ضلوا وأضلوا" كما أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه: ١/ ٤٤٩، ومجمع الزوائد: ١/ ١٧٩، جامع بيان العلم وفضله: ص ٤٧٥، وإبطال القياس لابن حزم: ص ٥٧. ودراسة سند الحديث تكلم الشارح فيه عن سنده فكفاني بذلك مؤنة الدراسة. وسيأتي مفصلًا.
(٢) وتقريره أن يقال: وقع ذمّ العمل بالقياس من بعض الصحابة، ولم يحصل من الباقي إنكار على ذلك. وكلما كان كذلك فهو مجمع على إنكاره وترك العمل به، وعلى أن الله لم يتعبدنا به، فالقياس لم نتعبد بالعمل بمقتضاه، وهو المطلوب.
فأما الصغرى: فدليلها ما ذكر من الروايات عن الصحابة في ذم القياس.
وأما باقي المقدمات فيعلم تقريرها من تقرير الإجماع السابق على الحجية.
والجواب كما ذكر الشارح، أن هذا الإجماع معارض بالإجماع السابق على الحجية، فيجب التوفيق بينهما بأن يحمل هذا الإجماع على القياس الفاسد، والإجماع السابق على القياس الصحيح والله أعلم. ينظر: النبراس: ص ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>