للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدل صاحب الكتاب على المذهب المختار (١) بأن قوله: حرمت الخمر؛ لكونها مسكرة محتمل لأنْ تكون العلّةُ مطلقَ الاسكارِ، ولا تكون العلّةُ إسكارَها، وهذا لأنَّ لله تعالى أنْ يجعل إسكار الخمر بخصوصه هو العلّة لما يعلم فيه من المفسدة الخاصة به (٢) التي لا وجود لها في غيره، وإذا احتمل واحتمل لم يجز التعبد به إلا بأمر مستأنف بالقياس، وإذا وضح هذا في جانب الترك ثبت في الفعل بطريق أولى (٣).


(١) وهو المذهب الأول القائل: إن التنصيص على العلَّة لا يفيد الأمر بالقياس مطلقًا، سواء كان في جانب الفعل أو الترك. استدل المصنف للمذهب المختار بما ذكره الشارح وبيَّنه، ولم يأت بأدلة المذهب الثاني القائل بالإفادة مطلقًا، ولا بأدلة المذهب الثالث القائل بالتفصيل. ودليل المذهب الثاني دليل على قوانين المنطق: لو لم يكن التنصيص على العلَّة مفيدًا للأمر بالقياس لم يكن لذكر العلَّة فائدة لكن التالي باطل، فبطل المقدم، وثبت نقيضه. أما الكبرى وهي قوله: "لو لم يكن التنصيص على العلَّة مفيدًا للأمر بالقياس" فوجهها أنّ العلَّة لا تذكر إلا لقصد تعدية الحكم إلى مواقعها، فلو لم يكن للتنصيص إذن بالقياس والتعدية كان ذكر العلَّة عبثًا. وأما بطلان التالي فواضح. والنتيجة بمنع الكبرى لجواز أن تكون الفائدة بيان مدرك الحكم، ليكون أوقع في النفس وأدعى إلى الامتثال. وأما المذهب الثالث، فقالوا: فقد فرّق بينهما بأن تحريم الشيء لعلّة يقتضي ترتب المفسدة على فعل ذلك الشيء لتلك العلَّة بخلاف إيجاب الشيء لعلّة تترتب عليها مصلحة فإن حصول هذه المصلحة لا تتوقف على فعل جميع ما يترتب عليه مثلها. ينظر: نهاية السول: ٤/ ٢٢ - ٢٦، النبراس: ص ١٧٦، ١٧٩.
(٢) (به) ليست في (ص).
(٣) ينظر دليل المذهب المختار في هذه المسألة: المعتمد: ٢/ ٢٣٥، والمستصفى: ٢/ ٢٧٢، والإحكام للآمدي: ٤/ ٧٢، والمحصول: ج ٢/ ق ٢/ ١٦٤، والبحر المحيط: ٥/ ٣٢، ونبراس العقول: ص ١٦٩ - ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>