للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: وفي قوله هذا جواب عن سؤال مقدَّر تقديره اللام ليست للتعليل كقوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} (١) فإنّ ذلك ليس غرضًا بالإجماع، فإنّ النّاس على قولين: منهم من لم يعلل أفعال الله لشيء أصلًا، ومنهم من يعللها بالمصالح، فأمّا تعليلها بالمضار والعقوبات فلم يقل به عاقل.

ولقول الشاعر:

لَهُ مَلِكٌ يُنَادِي كلّ يومِ ... لِدُوا لِلمَوْتِ وابْنُوا لِلْخَرَابِ (٢)

وذلك ليس للعلية (٣) إذ الولادة والبناء ليس لغرض الموت والخراب.

وجوابه: أنّ اللام في هذه الأماكن مستعملة على جهة التجوز للعاقبة، فإنّ عاقبة كثير من المخلوقات جهنّم، وعاقبة الولادة الموت، والبناء للخراب (٤)، والعلاقة بين العلّة والعاقبة، أنّ عاقبةَ الشيءِ


(١) سورة الأعراف من الآية ١٧٩.
(٢) البيت لأبي العتاهية ينظر: ديوان أبي العتاهية: ص ٢٣. وجاء في كشف الخفاء: ٢/ ١٤٠ "أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة والزبير مرفوعًا من حديث طويل، وفيه: "وأن ملكا بباب آخر في الجنة يقول: يأيها الناس هلموا إلى ربكم فإن ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، وأنّ ملكا بباب آخر ينادي يا ابن آدم: لدوا للموت وابنوا للخراب"، وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الواحد بن زياد أن عيسى بن مريم قال: (يا بني آدم لدوا للموت وابنوا للخراب تفنى نفوسكم وتبلى دياركم) ".
(٣) في (ص): للغلبة.
(٤) في (غ): الخراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>