للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: ما ورد في كلام الله تعالى أو كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو أقوى دلالة على العليّة من (١) كلام الراوي لتطرق احتمال الخطأ إليه دون الله ورسوله.

وجعل الآمدي الوارد في كلام الله أقوى من الوارد في كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - (٢).


= مِائَةَ جَلْدَةٍ} وقد لا يقنع بل يطلب العلة بعد ذلك، ولهذا يصح ان يذكر العلة بعد ذلك بطريق آخر، بأن يقول إذا قمتم للصلاة فاغسلوا وجوهكم تعظيما للمعبود. وفي القسم الآخر: وهو ما إذا تأخر ذكر العلّة عن الحكم، لا يجوز ذكر علّة أخرى ولو ذكر علّة عدّ متناقضًا. فيعلم من هذا أن إشعار ذلك القسم بالعليّة أقوى، وكيف والمختار عند المؤلف: أن الوصف إن لم يكن مناسبًا فإن ترتيب الحكم عليه يوجب عليته. ويلزمه أن يقول: لو قال القائل: اما الطوال فأكرمهم، يكون إشعار هذا بالعليّة أقوى من أن يقول: أكرموا هؤلاء فإنهم طوال، وليس كذلك.
فإنه لو قيل للقائل في الأول: لم جعلت الطوال علّة للإكرام؟ كان له أن ينكر، وأما لو قيل له في القول الثاني: لم جعلت الطوال علّة للإكرام؟ لم يكن له الإنكار، وكل ذلك يدل على عكس ما ذكره. أما قوله: "إشعار العلّة بالمعلول أقوى" قلنا: هذا مغلطة؛ لأنّ هذا إنما يتأتى في الشيء الذي عرف كونه علّة قبل الكلام، ثمّ ذكر الشيء الذي عرف كونه علة قبل الحكم، كان الإشعار بالحكم أقوى مما إذا ذكر الحكم قبل العلّة واما فيما لم تعرف عليته، بل العلّة مستنبطة من هذا الكلام، فكيف يتأتى فيه ما ذكره".
قال المحشي الدكتور صالح الغنام: إن هذا المسألة لا تستحق كل هذه المشادة الكلامية بين الإمام المصنف والفاضل الشارح، وذلك لأن الإمام فخر الدين لم يجزم بما ذهب إليه بل قال: يشبه أن يكون تقدم العلة على الحكم أقوى من تقدم الحكم على العلّة. والله أعلم. هامش: (٦) ٢/ ٨٣٩.
(١) في (غ)، (ت): في.
(٢) ينظر: الإحكام للآمدي: ٣/ ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>