للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة منها.

لا يقال: نمنع وجود العلل دفعة واحدة، ونقول: فيما إذا ترتب الحكم معلل بالسابق منها وشيء من تلك المفاسد المذكورة غير لازم حينئذ؛ لأنّا نقول منع وجودها مكابرة، إذ نحن على قطع أنَّه لا منافاة بين تلك الأمور، فيصح اجتماعها ووجودها دفعة واحدةً، إذ يمكن صدور الزنا والردّة من واحد - والعياذ بالله - في ساعة واحدة.

فنقول: قاربت الإصابة بالتقرير على هذا الوجه، ولكنّا لا نسلم بعد ذلك أنّ الحكم هناك حكمٌ واحد بل أحكامٌ كثيرة، فإنّ الإباحة الحاصلة بالقتل غير الحاصلة بالردّة والدليل عليه وجهان:

الأول: أنّ الرجل إذا عاد إلى الإسلام زالت الاباحة الحاصلة بسبب الردّة وبقيت الإباحة الحاصلة بالقتل والزنا. ثم إذا عفا وليّ الدم زالت الإباحة الحاصلة بالقتل، وبقيت الإباحة الحاصلة (١) بالزنا.

والثاني: أنّ القتل المستحق بالقتل يجوز لولي الدم العفو عنه، والمستحق بالردّة لا يتمكن الولي من إسقاطه فدلّ على تغاير الحكمين.

وهذا المنع الذي ذكرناه هو الذي اعتمد عليه إمام الحرمين في ردّ هذه الحجة (٢)، وهو عندنا منعٌ صحيحٌ. وإن كان القاضي في مختصر التقريب والإرشاد قال: إنّه هذيان يدني قائله من جحد الحقائق.


(١) (بالقتل والزنا. ثم إذا عفا وليّ الدم زالت الإباحة الحاصلة بالقتل، وبقيت الإباحة الحاصلة) ساقط من (ت).
(٢) ينظر: البرهان لإمام الحرمين: ٢/ ٨٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>