للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنّ الطريق في إثبات الحكم به يعود إلى الاستصحاب المعروف وذلك لأنّه لا طريق له إلا قولك: لو لم يكن جالسًا أمس لكان الاستصحاب يفضي بأنّه غير جالس الآن لكنه جالس الآن فدلّ على أنَّه كان جالسًا أمس (١).

وقد قال به الأصحاب في صورة واحدة وهي ما إذا اشترى شيئًا وادعاه مدع وأخذه منه بحجة مطلقة، فإنّ الذي أطبق عليه الأصحاب ثبوت الرجوع له على البائع بل لو باع المشتري أو وهب وانتزع المال من المنتهب أو المشترى منه فإنّ للمشتري الأول الرجوع أيضًا وهذا استصحاب للحال في الماضي. فإنّ (٢): البيّنة لا توجب الملك ولكنّها تظهره فيجب أن يكون الملك سابقًا على إقامتها ولو بقدر لحظة لطيفة ومن المحتمل انتقال الملك من المشتري إلى المدعي ولكنّهم استصحبوا مقلوبًا وهو عدم الانتقال منه فيما مضى استصحابًا للحال.

وقال الأصحاب: فيما إذا وجدنا ركازًا مدفونًا في الأرض ولم يعرف هل هو من دفين الجاهلية أو الإسلام؟ فالمنقول عن نصه أنَّه ليس بركاز وفيه وجه أنَّه ركاز؛ لأنَّ الموضع يشهد له وعلى هذا الوجه فقد استصحبنا مقلوبًا؛ لأنّا استدللنا بوجدانه في الإسلام على أنَّه كان موجودًا قبل


(١) هذا قياس استثنائي متصل كبراه: المقدم فيها: لو لم يكن جالسًا أمس. وتاليها: لكان الاستصحاب يفضي بأنه غير جالس الآن. والصغرى: لكنه جالس الآن (وقد رفع فيها التالي) النتيجة: فدلّ على أنّه كان جالسًا أمس (وقد رفع فيها المقدم). وينظر هذا المثال للشارح في رفع الحاجب شرح مختصر ابن الحاجب: ل ٢٧٧/ ب.
(٢) في (ص): فإن قيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>