للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج الجبائيان بوجهين:

أحدهما: قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (١)، فإنّه دال على انحصار الأحكام الصادرة منه - صلى الله عليه وسلم - عن الوحي.

وأجاب عنه الإمام: بأنّه متى قال له متى ظننت كذا فاعلم أنَّه حكمي، فالعمل حينئذ بالظنّ عمل بالوحي لا بالهوى (٢)، وهذا قد ذكره الغزالي (٣).

ولقائل: أنْ يقول ليس هذا أمرًا بالاجتهاد فإنّه تعالى لو قال: كُلَّمَا ملكت النِّصاب وحالَ عليه الحوْل أوجبتُ عليك الزّكاة، لا يكون هذا أمرًا بملكية النّصاب، ثمّ إنْ مَلَكَه كذلك، وجبت عليه الزكاة بالنّصِّ، لا بالاجتهاد، وإنّما الكلام في الحكم الثابت بالاجتهاد، وهو لا يوجد فيه مثل هذا القول، فلا يكون النطق بذلك نطقا بالوحي.

وأجاب عنه المصنف بأن الاجتهاد إذا كان مأمورًا به (٤) لم يكن النطق به هوى، وهو مدخول لإشعاره بأنّ الخصم احتج بصدر الآية وليس كذلك إذ هو لا يقول بأنّ القول بالاجتهاد قول بالهوى (٥).

والثاني: أنّه لو جاز له - صلى الله عليه وسلم - الاجتهاد، لامتنع عليه


(١) سورة النجم من الآية (٣، ٤).
(٢) ينظر: المحصول للرازي: ج ٢/ ق ٣/ ١٧.
(٣) ينظر: المستصفى للغزالي: ٢/ ٣٥٥ - ٣٥٦.
(٤) (به) ليس في (ص)، (غ).
(٥) ينظر: الاعتراض وجوابه في: نهاية الوصول للصفي الهندي: ٨/ ٣٨٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>