للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاتمة: القاضي إذا حكمَ في هذه الواقعة، ثمّ تغير اجتهاده لم يكن له النّقض لكون المسألة اجتهادية (١).


= فالقياس أنا إن أوجبنا تقليد الأعلم، فهو كما لو تغير اجتهاد مقلده، وإلا فلا أثر له.
قلت: هذا الذي زعم الإمام الرافعي رحمه الله أنه القياس ليس بشيء بل الوجه الجزم بأنه لا يلزمه شيء ولا أثر لقول الثاني، وهذا كله إذا كانت المسألة اجتهادية، وقد لخص الصيمري والخطيب البغدادي وغيرهما من أصحابنا هذه المسألة بتفصيل حسن فقالوا إذا أفتى ثم رجع فإن علم المستفتي رجوعه ولم يكن عمل بالأول لم يجز له العمل به وكذا إذا نكح بفتواه أو استمر على نكاح بفتواه ثم رجع لزمه فراقها كنظيره في القبلة، وإن كان عمل به قبل الرجوع فإن كان مخالفا لدليل قاطع لزم المستفتي نقض عمله وإن كان في محل الاجتهاد فلا لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد ولا يعمل خلاف هذا لأصحابنا وما ذكره صاحبا المستصفى والمحصول فليس فيه تصريح بمخالفة هذا" اهـ.
(١) إذا بان للقاضي أنه قد أخطأ في حكمه، أو بان له أن غيره من القضاة قد أخطأ في حكمه، فذلك ضربان:
أحدهما: أن يخطئ فيما يسوغ فيه الاجتهاد.
والثاني: أن يخطئ فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد.
فإن أخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد وهو أن يخالف أولى القياسين من قياس المعنى الخفي أو لأولاهما من قياس التقريب في الشبه، كان حكمه نافذًا، وحكم غيره من القضاة به نافذًا، لا يتعقب بفسخ ولا نقض.
والدليل على ذلك: أنّ عمر - رضي الله عنه - لم يشرك في عام، وشرّك في عام. فلما قيل له: إنك لم تشرك في العام الماضي بين ولد الأم وبين ولد الأب والأم، فكيف تشرك الآن؟ قال: "تلك على ما قضينا وهذه على قضيناه". ينظر: الحاوي للماوردي: ٢٠/ ٢٣٩. بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>