للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا: - فيما إذا حكم الحاكم بحكم، ثم انقدح له ما لو كان مقاربٌ لمنع الحكم - قولٌ بليغٌ، فلنورده، فنقول ذلك على أقسام:

أحدها: أنْ يَكونَ أمرًا متجدِدًا لم يكنْ حالَةَ الحكْمِ.

مثاله: أنْ يباعَ مالُ يتيمٍ بقيمتِه؛ لحاجته، ويُحْكَمَ بصحَةِ البيْعِ، ثمّ تَغْلُو الأسعارُ بعد ذلك، فتصير قيمتُه أكثرَ، فهذا لا اعتبار به؛ لأنَّ الشرطَ البيعُ بالقيمةِ ذلك الوقت، لا بعده.

الثاني: أنْ يحكم باجتهاده لدليلٍ أو أمارةٍ، ثمّ يظهرُ له دليلٌ أو أمارةٌ أرجحُ (١) من الأوّل، ولا ينتهي إلى ظهور النّص. فهذا أيضًا (٢) لا اعتبار به، وإنْ كانَ لو قارنَ لوجب الحكم به؛ لأنَّ الحكمَ بالراجحِ، وإنْ كانَ واجبًا لكن الرجحان حاصلٌ الآن في ظنّه، ولا يدري لو حصل ذلك الاحتمال عنده حالة الحكمِ هلْ يكون عنده راجحًا أو مرجوحًا؟ والاعتبار إنما هو بالرجحان حال الحكم، ولا يلزم من الرجحان في وقت الرجحانُ في وقت غيره؛ لتفاوت الظنون بحسب الأوقات، وما يكون فيها من أمور لا تنحصر يتغير بها الظنّ، ولا يتمكن الظانّ من الجزم بأنّ الظنّ الذي عنده في وقت، لو نظر في وقت آخر لكان مستمرًا، ورجحان الاعتقاد إنما يحصل حالًا فحالًا، وأمّا اعتقاد الرجحان، فقد يكون يعتقد - في وقت قطعًا - رجحانَ أمرٍ عنده في الماضي، وهو


(١) في (غ): راجح من الأول.
(٢) (أيضًا): ليس في (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>