للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرجحهما عندي، أنّها ليست كالأمارة المساوية؛ لأنَّ مساواة الأمارة المساوية مظنونة، وجاز أنْ تضعف في وقت آخر ويستمر رجحان الأمارة المحكوم بها لعدم الوثوق بالظنون، وجاز أنّها لو لاحت له في (١) وقت الحكم لكانت مرجوحة غير مساوية، وأمّا البينة إذا عارضت أخرى فمساواتها معلومة ميؤوس فيها من الترجيح فلا يبقى لاحتمال استمرار ذلك الحكم أو غيره فيرد (٢) الأمر إلى ما كان عليه قبل الحكم ويقف لقطعنا باستواء الجانبين بخلاف الأمارات التي لا يوثق بحال الظنون فيها فإنّه لو لم يمض الحكم فيها أدّى إلى عدم استمرار الأحكام وأنْ لا يحكم بشيء.

وقد مال والدي - أيده الله تعالى - إلى ترجيح الأوّل. وقال: لم أجد في كلام الأصحاب إلى الآن ما أعْتَضِد به في الجزمِ بأحدهما، غير أني أميلُ إلى عدمِ النقضِ، وأنَّ الحاكمَ لا يحكمُ ولا ينقض إلَّا بمستند.

ولك أنْ تقول: ظهورنا يقطع بمساواته مستند، وقد تخلّص (٣) من هذا أنّ العلم بمقارنة ما يقطع بتقديمه على مستند الحكم موجب لنقضه قطعًا، والعلم بمقارنة ما يظنّ تقديمه فيه وجهان كبينة الداخل، والعلم بمقارنة ما يمنع الحكم ويوجب التوقف فيه الاحتمالان المذكوران. وهذا هو القسم السادس (٤)


(١) (في) ليس في (غ).
(٢) في (غ): فتردد.
(٣) في (ت): تلخص.
(٤) أن يظهر معارض محضّ من غير مرجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>