للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخيرة، وهو أزْيَد من ثواب بعضها سواء اقتصر عليه أو ضم إليه نفلًا آخر، وأنقص من ثواب الواجبات المعيَّنة، ولكل منهما (١) رتبة من الثواب عند الله تعالى.

وكذا العقاب إذا تركها يستحق العقاب على ترك مجموع أمور، كان المكلف مخيرًا بين تَرْك أيِّ واحدٍ شاء منها بشرط فِعْل الآخر (٢).

وقال بعضهم في الثواب والعقاب: إنه يستحق ثواب الواجب على فعل أكثرها ثوابًا، ويستحق على الترك عقابَ أدونها عقابًا (٣)، فأما ما قاله في العقاب فيظهر اتجاهه، وما قاله في الثواب مراده به الثواب على الواجب، وما عداه تطوع يثاب عليه ثواب التطوع (٤)، وبهذا يُعلم أنَّ الخلاف في الثواب خلاف في أَنَّه إذا فعل الجميع ما الذي


(١) في (غ): "ولكل واحد منهما".
(٢) يعني: إذا ترك جميع الخصال فيعاقب على ترك الكل، لا على واحدة لا بعينها، في حين أَنَّه لو فعل خصلةً واحدة جاز له ترك الباقي.
(٣) قال بهذا القول ابن بَرْهان كما في المسودة ص ٢٨، والبحر المحيط ١/ ٢٥٨، وحكاه ابن السمعاني عن الأصحاب كما في البحر.
(٤) هذا فيما يظهر تأويل من السبكي لهذا القول؛ لأنَّه يرى أنَّ أكثرية الثواب تكون بسبب الوجوب، والمشقة ليس لها علاقة بالوجوب، فما وقع واجبًا كان أكثر ثوابًا، وما كان تطوعًا كان أقل ثوابًا، فهو يفسِّر قول القائل: إنه يستحق ثواب الواجب على فعل أكثرها ثوابًا (والذي يظهر من معناه: أكثرها مشقة) بتفسير آخر، ويقول: معناه أكثرها ثوابا ما وقع واجبا، وما وقع نفلا فهو أقل ثوابًا، فالأكثرية للوجوب كيفما كان وهذا في نظري تفسير بعيد، يخالف قصد القائل، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>