للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرفتَ هذا فقول المصنف: "إنْ تناول كلَّ واحدٍ فيسمى (١) فرض عين" - لك أن تعترض عليه فيه؛ لما علمت أنَّ فرض الكفاية كذلك على الصحيح، وتعتذر عنه بأنه استغنى بالمثال بالصلوات الخمس (٢).

وقوله: "أو واحدًا مُعَيَّنًا كالتهجد". قاله جماعة غيره، وهو تفريع على أنَّ التهجد كان واجبًا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده، وأنَّ ذلك مِنْ خصائصه، وهذا وإنْ كان مشهورًا عند أكثر المتأخرين من الشافعية - فالصحيح الذي نَصَّ عليه الشافعي خلافُه، وأنَّ وجوب التهجد منسوخ عنه - صلى الله عليه وسلم - وعن غيره (٣)، وحين كان واجبًا كان عليه وعلى غيره (٤).

وقد اختُصَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجوب أشياء لا خلاف فيها:


(١) في (ت)، و (ك): "يسمى". وهو خطأ؛ لأنَّه جواب شرط مجزوم بحذف حرف العلة. وأما "فيسمى" بإثبات الألف؛ لأنَّ الفعل منصوب بأنْ مضمرة وجوبًا بعد فاء السببية الواقعة بعد الشرط؛ لأنَّ الشرط شبيه بالنفي في عدم التحقق. انظر: ابن عقيل ٢/ ٣٤٩، قطر الندى ص ٧١.
(٢) يعني: كأنَّ المصنف استغنى بالمثال عن جواب هذا الاعتراض: وهو أنَّ فرض الكفاية يتناول كلَّ واحد، فكيف حصر المصنف فرض العين فيه! فالجواب: بأنه لما ذَكَر مثال فرض العين بالصلوات الخمس - تبين أنَّه يريد بفرض العين ما لا يقوم غيُره مقامَه، بخلاف فرض الكفاية، فإنه يقوم الغيرُ مقامَه.
(٣) انظر: نهاية المحتاج ٦/ ١٧٥.
(٤) قال الشيخ المطيعي رحمه الله تعالى: "مِنْ هذا تَعْلم أنَّ موضع الاستدراك على التمثيل بالتهجد أنَّه ليس من الخصائص، لا من جهة أنَّه نُسِخ؛ لأنَّ نسخه بعد وجوبه لا يمنع مِنْ صحة التمثيل، باعتبار ما كان قبل النسخ لو فُرِض وكان من الخصائص".

<<  <  ج: ص:  >  >>