للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقوم به فَلْنُفِدْه طالبَه.

فنقول: المراد من ذلك إما القياسُ، وإما أن القاعدة الكلية لما ثبتت من الشرع ورأينا الفرع الجزئي من جملة أقسامها - أدرك العقل دخوله في القاعدة، فقيل: ثبت بالعقل، وهذا معناه كما نقول: الوتر يُصَلَّى على الراحلة، وكلُّ ما يُصَلَّى على الراحلة فهو سنّة، فالوتر سنّة بالعقل. بمعنى أن العقل أدرك النتيجة، لا أنه جعل الوتر سنةً.

ومن هذا القبيل أن الشافعي - رضي الله عنه - أطلق القول في "المختصر" بتعصية الناجش (١): وهو الذي يزيد في ثمن السلعة المعروضة للبيع وهو غير راغب فيها؛ ليخدع الناس ويرغبهم فيها (٢). وشَرَط في تعصية مَنْ باع على بيع أخيه أن يكون عالمًا بالحديث الوارد فيه.

قال الشارحون: السبب فيه أن النَّجْش خديعة، وتحريم الخديعة واضح لكل أحدٍ، معلومٌ من الألفاظ العامة، وإن لم (٣) يَعْلم هذا الخبر بخصوصه.


(١) في هامش (ص) ١/ ١١٦، تعليق: هذا الذي أطلقه في "المختصر" من تعصية الناجش، قد صَرَّح في "الأم" بخلافه، فنصَّ في اختلاف العراقيين على أن النجش لا يحرم إلا على مَنْ علم يمكن النهي، فيحمل إطلاق "المختصر" على تقييد "الأم". اهـ. وانظر: نَصَّ الشافعي رضي الله عنه في الأم ٣/ ٩١.
(٢) في المصباح ٢/ ٢٦١: "نَجَش الرجل نَجْشًا، من باب قتل: إذا زاد في سلعة أكثر من ثمنها، وليس قصده أن يشتريها، بل ليَغُرَّ غيره، فيُوقعه فيه، وكذلك في النكاح وغيره، والاسم النَجَش، بفتحتين. . . وأصل النجش: الاستتار؛ لأنه يستر قصده، ومنه يقال للصائد: ناجش لاستتاره". وانظر: لسان العرب ٦/ ٣٥١، القاموس المحيط ٢/ ٢٨٩، مادة (نجش).
(٣) سقطت من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>