للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبيع على بيع الأخ إنما عُرف تحريمه من الخبر الوارد فيه؛ فلا يعرفه من لا يعرف الخبر. وذكر بعضهم أن تحريم الخداع يُعْرف بالعقل وإن لم يرد شرع. واعترض الرافعي رحمه الله على هذا بأنه ليس معتقدَنا.

ولك أن تجمع بين كلام الشارحِين وهذا الكلام: بأن الخديعة لما كانت محرمة من الألفاظ العامة أدرك العقل تحريم النجش؛ لأن كل نجش خديعة، وكل خديعة حرام، ينتج: النجش حرام. ومراده بقوله (١): وإن لم يرد شرع، أي: خبرٌ خاصٌّ لا القول بأن العقل يحسن ويقبح كما فهمه الرافعي.

فإن قلت: فالبيع على بيع الأخ إضرار، وكما يُعْرف تحريم النجش (من الألفاظ العامة في تحريم الخداع، يعلم تحريم البيع على البيع) (٢) من الألفاظ العامة في تحريم الإضرار.

قلت: كذا اعترض به الرافعي رحمه الله، ولكن لقائل أن يقول: (لا يؤخذ) (٣) البيع على بيع الأخ من الألفاظ العامة في الإضرار، بخلاف النجش، والفرق أن النجش لا يَجْلب للناجِش مصلحةً؛ لأنه لا غرض له إلا الزيادة في ثمن السلعة؛ ليجلب نفعًا لصاحبها يلزم منه الإضرار بالمشتري، وجلب منفعةٍ لشخصٍ بإضرارِ آخرَ حرامٌ - واضحٌ من القواعد المقررة. وأما البيع على البيع فهو يدعو أخاه إلى فسخ البيع ليبيعه خيرًا منه


(١) أي: هذا القائل الذي قال: إن تحريم الخداع يُعْرف بالعقل وإن لم يرد شرع.
(٢) سقطت من (ت).
(٣) في (ص): "لا يوجد". وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>