للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتج الأولون وهم القائلون بالإباحة بوجهين:

أحدهما: أنها انتفاع خال عن أمارة المفسدة، فإن الكلام مفروض في فعلٍ لا يظهر له مفسدةٌ، وخالٍ عن مضرة المالك، لأن المالك هو الله المنزه عن المَضَارّ، المبرأ عن المنافع، فتكون مباحةً قياسًا على الاستظلال بجدار الغير، والاستضاءة بناره بغير إذنه، فإنه أبيح لخُلِّوه عن أمارات المفسدة ومضرة المالك، فلما وجدنا الإباحة دائرةً مع هذه الأوصاف وجودًا وعدمًا، والدوران يدل على عليَّةِ المَدَار للدائر - دَلَّ على عِلِّيتها لإباحة الأفعال، وهي موجودة في صورة النزاع؛ فيلزم الإباحة فيها.

وتمثيل المصنف بالاقتباس فيه نظر؛ لأن الاقتباس أَخْذُ جزءٍ من النار وهو لا يجوز بغير الإذن، فالأولى التمثيل بالاستضاءة كما ذكرناه (١). وقد ذكر الرافعي جواز الاستظلال بجدار الغير، والاستضاءة بناره، والاستناد وإسناد المتاع (٢) - في أثناء كلامه في القسم الثاني في الجدار المشترك من كتاب الصلح (٣). وذكر القَفَّال المسألة في "الفتاوي" في واقعةٍ جرت له مع السلطان محمود، وأنه يجوز السعي في أرض الغير إذا لم يخش أن تُتخذ بذلك طريقًا، ولا لَزِم منه ضرر، قال: وكذلك النظر في مرآة الغير، والإيقاد (٤) من ناره، والاستظلال بجداره، والالتقاط


(١) في (ص): "ذكرنا".
(٢) في (غ): "الأمتاع".
(٣) انظر: فتح العزيز شرح الوجيز ١٠/ ٣١٧، ٣١٨، وهو مطبوع مع "المجموع".
(٤) في (ت): "والإينار".

<<  <  ج: ص:  >  >>