للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حبوب الزرع المتناثر. وذكر القفال في "الفتاوي" أيضًا أنه يجوز إسناد خشبةٍ إلى جدار الغير.

الوجه الثاني: أن المواكيل اللذيذة إنْ خُلقت لا لغَرَض كان عبثًا محالًا، وإن خُلقت لغرضٍ فلا جائز أن يعود إلى الباري؛ لتنزهه عن الأغراض، فتعيَّن أن يكون لغرضنا، وليس هو الإضرار باتفاق العقلاء، فهو حينئذ النفع. وذلك النفع إما أن يكون دنيويًا، كالتلذذ والاغتذاء (١). أو أخرويًا يتعلق بالعمل، كالاجتناب؛ لِكَوْن تناولها مفسدة (٢) - مع الميل فيستحق الثواب باجتنابها. أو أخرويًا يتعلق بالعلم، كالاستدلال بها على وجود الصانع، وكمال قدرته. وكل ذلك لا يحصل إلا بالتناول: أما توقف الالتذاذ والاغتذاء على التناول فواضح. وأما توقف الاجتناب عليه، فلأن المكلف إنما يستحق الثواب بتجنبها إذا دعت نفسه إليها، وإنما يكون ذلك بعد التناول. كذا قيل. والحق أن تارك المعاصي امتثالًا لأمر الله تعالى مع عدم مَيَلانه إليها يثاب (٣) على تركها، بل هو عند قوم أعلى درجة من الذي فعلها ثم انزجر عنها.

وأما توقف الاستدلال فلأنه إنما يكون بعد معرفتها. هذا تقرير الوجهين.

قال في الكتاب وأجيب عن الأول: بأنا لا نسلم ثبوت الحِكَم في


(١) أي: ما يؤكل للتغذية والتقوية.
(٢) سقطت من (غ).
(٣) في (غ)، و (ك): "مثاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>