للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخمسَ عشرةَ سنة مِنْ عام الخندق، وإنها كانت قبل ذلك تتعلق بالتمييز".

وبهذا يجاب عن سؤال مَنْ يقول: الرفع يقتضي تقدم وضع، ولم يتقدم على الصبي وضع.

فإن قلت: ما الحكمة في تقدير الرفع بالبلوغ وهو إذا قارب البلوغ عَقَل.

قلت: قال القاضي أبو بكر: "إنَّ عدمَ بلوغه دليلٌ على قلة عقله" (١). وهو تصريح منه بأن العقل يزيد ويكمل بلحظة، وليس يتجه ذلك كما قال الغزالي (٢)؛ لأن انفصال النطفة لا يزيده عقلًا؛ لكن حُطَّ الخطاب عنه تخفيفًا، وزيادة العقل ونقصانه إلى حدٍّ يُناط به التكليف أمرٌ خفي، لا يمكن الاطلاع عليه بغتة لكونه يزيد على التدريج، وقد عُلِم من عوائد الشرع أنه يعلق الحِكَم على مظانها المنضبطة لا على أنفسها، والبلوغ مَظنَّةُ كمال العقل، فعلَّق الشارعُ الأمرَ عليه، وإنْ جاز وجودُ


(١) لم أجد نص العبارة في التلخيص ١/ ١٤٤، وفي التقريب والإرشاد (الصغير) ما يفيدها. قال رحمه الله: "ولو حَصَل لبعض مَن لم يبلغ الحُلم عقلُ البالغين لصح تكليفه التوحيدَ مما دونه، وغير محال في العقل حصولُ بعضهم كذلك، غير أنه معلومٌ بالسمع أنه لا يحصل لأحدٍ منهم بدلالةٍ وهي قوله (ص): "وعن الطفل حتى يبلغ". ففي رَفْع القلم عنه دليلٌ على عدم تمييزه لما يعرفه العقلاء. . .". التقريب والإرشاد ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧. ولكن نقل ذلك الغزالي في المستصفى ١/ ٢٧٩، ٢٨٠.
(٢) المستصفى ١/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>