للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكمة (١) قبله بلحظة أو بعده بلحظة. وفي الشريعة صور كثيرة تضاهي ذلك، بل ربما شذت الصورة عن الحكمة بحيث بقي الوصف فيها كضَرْبٍ من التعبد، وفي ذلك فروع:

منها: لو كمَّل وضوءَه إلا إحدى الرجلين ثم غسلها وأدخلها الخف فإنه ينزع الأولى ثم يلبسها؛ ليكون قد أدخلهما على طهارة كاملة (٢).

ومنها: لو اصطاد صَيْدًا وهو مُحْرِم، ولا امتناع لذلك الصيد - فإنه يُرسِله ويأخذه إذا شاء (٣).


(١) أي: العمل، لأن حكمة التكليف حال البلوغ كونه عاقلًا، فالبلوغ علة منضبطة، والعَقْل حِكْمة، والحكمة وصف غير منضبط؛ ولذلك علَّق الشارع الحكم على الوصف المنضبط وجعله علة. والحكمة: هي ما يترتب على الحكم الذي رُبِط بعلته من جلب مصلحة أو دفع مضرة. فتكون الحكمة هي المصلحة الحاصلة مِنْ رَبْط الحكم بعلته وسببه، فالحكمة تأتي في الترتيب الوجودي بعد ربط الحكم بالوصف، إذ هي الثمرة والنتيجة الحاصلة من ترتيب الحكم على الوصف، وربطه به. انظر: أصول الفقه للعربي اللوه ص ١٩٨، وانظر أيضًا: مباحث العلة في القياس للسعدي ص ١٠٥.
(٢) انظر: المجموع ١/ ٥١١، الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٤٠٦.
(٣) أي: لو اصطاد صيدًا وهو مُحْرِم، وذلك الصيد ليس له قدرة على الامتناع من الصيد ولا الفرار - فهنا يجب على المحرم إرساله لأنه أخذه بصورة الصيد، لكن لو أرسله، ثم أخذه فله ذلك؛ لأن الحالة الأولى كانت بطريق الصيد، وهو مُحَرَّم، فلما أرسله كان له أخذه بغير طريق الصيد، فالممتنع هو الصيد لا أخذه بغير صيد. وذكر السيوطي رحمه الله تعالى صورة قريبة من هذه الصورة: وهى ما إذا صاد صيدًا وهو مُحْرِم ولم يُرْسِله حتى حَلَّ، ولا امتناع للصيد، فإنه يرسله ثم يأخذه إذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>