للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الأستاذ أبو إسحاق إلى أنه لا يجوز أن يَرِد التكليف بالمحال، فإن وَرَد لا نسميه تكليفًا، بل يكون علامةً نصبها الله تعالى على عذاب مَنْ كلَّفه بذلك (١).

واستدل في الكتاب على الجواز مطلقًا: بأن امتناع التكليف عند القائل به إنما هو لكونه عبثًا، وذلك مبني على تعليل أفعال الله تعالى بالأغراض وهو باطل. وهذا يصلح ردًا على مَنْ بنى الامتناع على ذلك وهم المعتزلة، وأما مَنْ وافقهم مِنْ أصحابنا فلهم مأخذ آخر.

واحتج المعتزلة ومَنْ وافقهم: بأن المحال لا يُتَصَوَّر؛ لأَن كل ما يتصور بالعقل فهو معلوم (٢)؛ إذ التصور مِنْ جملة أقسام العلم.

وكل معلوم متميز (٣)، وكل متميز ثابت (٤)؛ لأن التميز صفة وجودية ولا بد لها من موصوف موجودٍ، ضرورة عدمِ قيامِ الموجودِ بالمعدوم. فلو


= حاشيته في المحال لذاته: "أي: أن استحالته بالنظر لذاته، أي: نفس مفهومه، بمعنى: أن العقل إذا تصوره حَكَم بامتناع ثبوته، كالجمع بين السواد والبياض، فإن العقل يحكم بامتناع ذلك؛ لما يلزم عليه من الجمع بين النقيضين".
(١) انظر: الوصول إلى الأصول ١/ ٨١، ٨٢.
(٢) هذه مقدمة صغرى.
(٣) هذه مقدمة كبرى أولى
(٤) هذه مقدمة كبرى ثانية. ونتيجة هذا المقياس المركب: كل ما يُتصور ثابت. وهذا القياس المركب حَمْلي؛ لأنه مركب من قضايا حملية: وهي المؤلفة من موضوع ومحمول.

<<  <  ج: ص:  >  >>