للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقًا، أو كذبًا. فتعريفه به دور (١)

فإن قلت: التصديق والتكذيب، والصدق والكذب، نوعان للخبر، والنوع إنما يُعْرف بعد معرفة الجنس، (فلو عُرِّف الجنس به) (٢) لزم الدور (٣).

قلت: أجاب القرافي بأن الحدَّ: هو شرح ما دل اللفظُ الأول عليه بطريق الإجمال (٤)؛ لأن من سمع لفظ: إنسان (٥)، وجهل مُسَمَّاه - يقال له: هو الحيوان الناطق. فإن كان جاهلًا بالحيوان والناطق فَسَد الحد؛ لأن الحد بالمجهول لا يصح، فتعيَّن أن يكونا معلومَيْن له، ومتى كانا معلومين، فمَنْ عَلِم الحيوان والناطق فقد عرف الإنسان؛ لأنه ليس شيئًا غيرهما، فعلمنا أنه كان عارفًا بحقيقة الإنسان، وإنما كان جاهلًا بمسمى اللفظ على التفصيل، وكان يعلمها من حيث الإجمال وأنَّ لها مسمى ما. وإذا كان


(١) لأنه عَرَّف الخبر بأنه: ما احتمل التصديق والتكذيب. والتصديق والتكذيب هما: الإخبار بكون الكلام صدقًا أو كذبًا. فأصبح الخبر موقوفًا على التصديق والتكذيب، والتصديق والتكذيب موقوف على الإخبار، فكان هذا دورًا.
(٢) في (ك): "ولو عرَّفت به الجنس".
(٣) يعني: سواء قلنا بالتصديق والتكذيب، أو بالصدق والكذب - فهما نوعان للخبر، والنوع إنما يُعْرف بعد معرفة الجنس الذي هو الخبر هنا، فلو عُرِّف الجنس الذي هو الخبر بالنوع الذي هو التصديق والتكذيب، أو الصدق والكذب - للزم الدور.
(٤) يعني: اللفظ الأول يدل على معنى بطريق الإجمال، والحد يشرح ذلك المعنى الإجمالي بالتفصيل.
(٥) فإنسان هو اللفظ الأول، ودلّ على الحقيقة بطريق الإجمال، أي: له معنى ما، من غير أن يَعْرِفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>