للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محالين: إما - قِدَم العالم أو التسلسل؛ وذلك لأنه إما قديم أو حادث، إذ كل مفهومٍ وجوديًا كان أو عدميًا لا يخلو عن أحدهما؛ لأنه إنْ كانَ مسبوقًا بالعدم سَبْقًا زمانيًا فهو الحادث، وإلا فهو القديم.

فإن كان قديمًا لزم قِدَم العالم؛ لأن المؤثِّر قديم والتأثير فرضناه قديمًا، وإذا وُجد المؤثِّر والتأثير استحال تخلف الأثر وهو العالم، فيلزم من وجودهما في الأزل وجودُ العالَم فيه. ولأن التأثير نسبة بين الخالق والمخلوق (١)، وقِدَم النسبة يقتضي: قِدَم المنتسبَيْن (٢) ضرورة افتقارها إليهما. ولأن العالَم: هو ما سوى الله تعالى، والتأثير غير الله تعالى؛ إذ التأثير غير المؤثِّر (٣).

وإن كان حادثًا افْتَقر في حدوثه إلى تأثيرٍ، والكلام فيه كالكلام في الأول؛ فيلزم التسلسل (٤).

وأجاب المصنف بأنه نسبة إلى آخره، أي: يختار أنه حادث ويمنع (٥) لزوم التسلسل؛ وذلك لأن التأثير نسبة، والنسبة لكونها من الأمور الاعتبارية التي لا وجود لها في الخارج غير مفتقرة إلى تأثير مؤثِّرٍ فيها (٦).


(١) فالخالق: هو المؤثر، والمخلوق: هو المتأثر.
(٢) أي: قدم النسبة التي هي التأثير، يقتضي قدم المنتسبَيْن: وهما الخالق والمخلوق.
(٣) لأنهم بَيَّنوا بأن التأثير نسبة بين الخالق والمخلوق، والمؤثر هو الله تعالى، فالنسبة غير المؤثِّر.
(٤) يعني: فالتأثير الثاني إما أن يكون قديمًا فيلزم قِدَم العالم، وإما أن يكون حادثًا فيحتاج إلى تأثير ثالث، وهكذا يقال في الثالث وما بعده، فيلزم من ذلك التسلسل.
(٥) في (ت): "ونمنع".
(٦) أي: أن النسب والإضافات كالبنوة والأخوة أمور عدمية لا وجود لها في الخارج، وإنما هي أمور اعتبارية، أي: يعتبرها العقل فلا تحتاج إلى مؤثر. انظر: نهاية السول ٢/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>