للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سوى وصول الأمير الدوادار الكبير من الصعيد ثامن عشر ذي القعدة الحرام، وأقام في بر الجيزة (١) إلى سادس عشري ذي القعدة لعمل مصلحته، فامتنع بعض العسكر ثم دخل البلد ثامن عشري ذي القعدة، واستمر في حرب شديد محيطا بالقلعة بأجمعها، وحصل للباش ضرورة زائدة، وجميع مقدمي الألوف معه وغالب الأتراك الذين يعتمد عليهم، فخشي أهل القلعة فظهر كرتباي الأحمر يوم وصول الدوادار الكبير وطلع إلى القلعة/، وأقام يقاتل الدوادار الكبير، ومعه بعض مقدمي الألوف بالقلعة واستمر الحال عشرين يوما، ثم ظهر جان بلاط الذي كان دوادار كبير وثلاثة من مقدمي الألوف، الذين كانوا هربوا مع قانصوة خمسمائة، واستمر الحال [بين] (٢) أهل القلعة والذين تحت حرب شديدة، لم ير، ولا سمع بمثله قط فيما خلا من الزمان إلى تاريخه، ثم أن المماليك طلع غالبهم القلعة الذين كانوا عند الدوادار، فترلوا ليلة السبت، سابع عشر الشهر بأجمعهم ليلا، وأحرقوا طيلون (٣) إلى بيت الدوادار الكبير، فأشغلوه بالحريق، وملكوا منه مدرسة السلطان حسن (٤)، لأن مرمى الدوادار


= العز ابن فهد: غاية المرام ٣/ ٧٣.
(١) بر الجيزة: بليدة في غربي فسطاط مصر قبالتها، وهي من أفضل كور مصر، وهي اليوم مدينة مصرية من ضواحي القاهرة على ضفة النيل الغربية. ياقوت الحموي: معجم البلدان ٢/ ٢٠٠. القلقشندي: صبح الأعشى ٣/ ٤٤٩. يحيى شامي: موسوعة المدن العربية والاسلامية، ص ١٩٨.
(٢) وردت في الأصول "بينهم"، وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.
(٣) المقصود بطيلون: هي المنطقة المحيطة بجامع أحمد بن طولون الذي يقع بالقرب من القلعة، وكانت تلك المنطقة ومنطقة الصليبة المجاورة لها تتعرضان للتخريب في المعارك والفتن بين طوائف المماليك.
(٤) السلطان حسن: هو الناصر أبو المحاسن حسن بن الناصر محمد من المماليك البحرية تولى الحكم للمرة الأولى من سنة (٧٤٨ - ٧٥٢) وخلع بعدها وأعيد الناصر حسن مرة أخرى من سنة (٧٥٥ - ٧٦٢ هـ). قتل في جمادى الأولى سنة ٧٦٢ هـ. ابن اياس: بدائع الزهور ١/ ٥١٩. محمد عبد المعطي المنوفي: كتاب أخبار الأول، ص ١٣٢. زامباور: معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي، ص ١٦٣. محمود شاكر: التاريخ الإسلامي ٧/ ٣٨.