وأرسل له السيد زين الدين بركات مائة جمل بأرحالها، وسبعين ناقة بأكوارها، ففرق منها على الجامكية والمماليك المتجهين معه، وأحتاج إلى جمال يوم السفر، فأمر له بعشرين جملا وأعطاه خمسة عشر مولدا للشد، ثم زاده عشرة من أهل مكة، وخمسة عشر قواسا، واستخدم هو حجاجا.
فلما كان يوم الجمعة، ثالث عشري الشهر، توجه بعد صلاة الجمعة، ومعه الجامكية، والترك، والأمير طربيه قاصده، بعد أن سمعنا: أن هذا القاصد كان تغير من الأمير الكبير، وراح إليه فما وجد عليه طريقا، فوقف على باب الصفا، وتكلم كثيرا بسبب تطويله في الإقامة، وأنه إن لم يعزم [يوجهه](١) هو من البحر، ويقال: أن سبب ذلك أنه كتب له تسفير/أربعة الآف دينار، فأعطاه ألفين فردها عليه، وفعل هذا، فما أمكن الأمير الكبير، إلا أنه أرسل له بالأربعة الآف هكذا سمعنا، ثم أن جماعة طربيه تسلطوا على الناس، وأخذوا كثيرا من عبيدهم لكن بالثمن، فحبس الناس عبيد لهم، وتسلط له الأمير الباش على بعض التجار، وأراد أخذ شيء منهم، واجتمع له جماعة وجاءوا إليه، وقالوا له: إجمع الجميع ونحن من جملتهم، وأرسل إلى جدة وأخذوا له من التجار هناك، يقال: مائة دينار وما علمت ما أتفق له مع التجار بعد ذلك.
وفي يوم الجمعة المذكورة، خطب الخطيب محي الدين بن أبي بكر النويري، ولبس البياض وتطيلس بالأبيض، فتخوف قاضي القضاة الشافعي لذلك، واشتكى على الأمير الكبير وهم سائرون لموادعته، فوصى الأمير الباش والأمير المحتسب.
فلما كان يوم السبت، رابع عشري الشهر، أرسل له الباش وكلمه ونزل فيه، ثم أرسل له المحتسب وسأله عن ذلك، فقال له: لا تفعل وروح إلى القاضي واعتذر له،
(١) وردت في الأصول "يوجه"، وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.