ثم في ثاني يوم، يوم الأربعاء، طلب الباش القاضيين أيضا والقاضي صلاح الدين بن القاضي الشافعي، فأعاد الكلام أيضا، وحلف الحنفي أيضا فطلب الباش كتابة ذلك، وكتابة حلف القاضي كاتب السر، وأرسلهم لكاتب السر، فأعادوا القول والحلف، ومنع أن لا يكتب محضر، فعادوا إلى الباش وذكروا له أنه لا بد من إذن كاتب السر، فإنه منع من ذلك، وانصرفوا على إذنه.
وفي يوم السبت، ثاني عشر الشهر، أرسل القاضي كاتب السر إلى القضاة الثلاثة وإلى الباش، فحضروا إليه فوقع من القاضي كاتب السر كلام وإنكار، في [إنكار](١) الناس عليه وعدم مساعدته، وأنه جاء في شغل السلطان، وأن من أنكر عليه يحضر، وأنه حصل للسلطان ألفي دينار، ألف من ابن حاتم، وستمائة من محمد بن علي، وأربعمائة من زوجة أحمد القصير، وأنكم تسلموها، فقالوا: ما لنا فيها تعلق، فقال للباش: إذا كان ما لك تعلق، فلأي شيء تتكلم في شيء ما لك فيه شغل؟، فقال الباش: يحثوني فقال: هاتهم لي، وأنت مالك شغل إلا الترك، ومالك شغل مع القضاة وغيرهم، وغرماء السلطان ما ترضى تمسكهم، هذا الرجل عيّب، يعني العامري، فالذين رجموا وهم من جماعتك وغيرهم، مكتوبون خمسون شخصا، مالك ما تمسكهم، وعتب على القاضي الشافعي والمالكي، واعتذر للأول وتصافيا معه، وانفضوا والباش في غاية الحنق، فإنه أسمعه أكثر مما ذكر.
وفي آخر هذا النهار، سمعنا بقصاد وصلوا إلى جدة للقاضي كاتب السر، ولكن أشاعوا معهم كلام آخر لم يصح، وهو وصول الأتابك أزبك إلى القاهرة وولي وظيفته.
(١) وردت في الأصل "النكار"، والتعديل من النسخة "ب" لسياق المعنى.