للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بركات تشوش كثيرا، وأرسل للقاضي ضحوة النهار فتوجه إليه، فلما وصل إلى الشريف فأخر له على العادة، وأراه الأوراق وهي بيده من غير أن يفتحها، ثم أنه أراد أن يأخذها، فرد الشريف يده، وقام عنه، فأخذ وأدخل في بعض عزل البيت (١)، ولم نسمع بما أتفق له، ثم إن الشريف أرسل لابن العيني والماس والباش والترك، والقاضيين الحنفي والمالكي، والرافعي وخير الدين بن أبي السعود والشيبي، ولجماعة من التجار وغيرهم، فحضروا إليه، وأخرج إليهم الأوراق وأراهم خط القاضي الشافعي، وأمر أخاه قايتباي بقراءة بعضها [فقرأها] (٢)، ثم تكلم الشريف كلاما مليحا، منه ما عرفت ما علمت: به قام والدي بوالده وبه، وفعلت أنا أيضا كذلك، وما كنت أشاور قط إذا غبت أو حضرت إلا عنه، وهو السلطان وأنا الوزير، فيدوّر على قتلي، فتكلم الحاضرون في العفو، وبالغ الحنفي فاحتمله ثم الباش، فأسمعه الكلام الشيبي بحضرة الناس، ثم بعد توجه الغالب أكثر، وأراد الفائز الكلام، فأسكته إسكاتا فاحشا، فتفرق الناس، وقالوا إنه قال للشيبي يكون متكلما ناظرا فامتنع، فأرسل الفراشين والوقادين والريس والمؤذنين وألزمهم بالمواظبة، وتوجه البوقيري وابن قنيد إلى بيت القاضي الشافعي، وأخرجوا أولاده وبناته وعياله إلى بيت بهاء الدين، وختموا على بيوت القاضي وأولاده صلاح الدين وبهاء الدين وبنتيه وأخيه سيد الناس داخلا وخارجا، إلا باب بهاء الدين الكبير، فجمعوا النسوان في الدهليز، وغلقوا الباب من الخارج، ثم توجهوا بصلاح الدين وإخوانه وبني عمه والبطيني فردوهم كلهم، إلا


(١) عزل البيت: المراد بها غرف البيت، يعني كأنه أراد عزله، وعزله تعني أبعده ونحاه. إبراهيم أنيس ورفاقه: المعجم الوسيط ٢/ ٥٩٩.
(٢) وردت في الأصول "فقرأه"، وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.