للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصر فلم يجدوه، وجلسوا بالجموم عند المسجد إلى أن جاءهم نحو نصف الليل في خيل قليلة، فحلفوه وألبسوه الخلعة المعتادة، ولعلها التي كانت ألبست لأخيه الشريف بركات والحياصة والشطف (١)، وحصل له حظ لم يسمع بمثله، بحيث لم يخسر شيئا بالكلية، إلا أنهم جعلوا عليه ستين ألفا للسلطان (٢)، منها عشرة الاف قيمة الفلفل وغيره الذي أخذ في أيامه، وخمسين ألفا يأخذون حصته في هذه السنة من العشور، وما بقي يؤخذ من العشور في كل سنة ثلث ما يتحصل له حتى يكمل الستين، وللأمير [المحمل] (٣) عشرة الاف، يعطى ثلاثة، والباقي في كل سنة ثلاثة، ولأمير الأول ستة الاف، يعطى ألفان، والباقي أربعة، في كل سنة ألفان، ثم عادوا من ليلتهم فوصلوا مكة آخرها.

وفي ليلة الأحد، سلخ الشهر، وصل أولاد القاضي أبو السعود بن ظهيرة الصلاحي، والبهائي، والبدري من جزيرة بالقنفذة برا، بعد أن كانوا جاءوا بحرا، فحصل للجلبة عائق فخرجوا برا، وجاء النسوان بحرا، ولما وصلوا مكة جلسوا ببيت السيد بركات، ولم يجتمع بهم أحد إلا بعض أناس قليلين، إلى أن كان بعد صلاة العصر توجهوا إلى الأتابك بالمدرسة الأشرفية، وسلموا عليه وخرجوا من عنده، فلاقاهم كثير من الفقهاء، ومنهم قاضي القضاة الحنفي النوري بن الضياء وسلموا عليه،


(١) الشطف: هي شارة ملكية تحمل كما يحمل اللواء على رأس أمير الجيش. محمد أحمد دهمان، معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي، ص ٩٨.
(٢) السلطان: هو سلطان مصر في تلك الفترة الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري. ابن إياس: بدائع الزهور ٤/ ٣٠.
(٣) وردت في الأصول "المحصل" وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.