للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي عصر يوم الأربعاء، ثالث الشهر، وصل قاصد من جدة من الشريف حميضة، ومعه ورقة إلى الأمير، يذكر فيها أنه اجتمع بأخيه راجح واصطلحا واتفقا، وعن قريب نصل إليكم.

فلما كان يوم السبت، سادس الشهر، وصل خبر ثاني من جدة، على أن الشريفين اختلفا وتفارقا، ولولا الأتراك بجدة مع حميضة اقتتلا، وسبب ذلك أن راجحا طلب من حميضة رسم جماعة من بني حسن، كانوا معه لهم قديما، فقال: قد أعطيت ذلك لبني إبراهيم وأنا أعوضهم، فقال: رد لهم رسولهم وعوض بني إبراهيم، فاختلفا وافترقا، وعاد راجح إلى الأشراف بوادي الأبيار، فوجد في طريقه جماعة من قريش، ومعهم إبل فأخذها ونهبهم، فدخلوا عليه بعد ذلك، فأعاد لهم جميع ما أخذوه، وقال: ما فعلت ذلك إلا نكاية في حميضة، ووصل الخبر بذلك إلى مكة في يوم الأربعاء عاشر الشهر.

وفي النصف الأخير من ليلة السبت، سادس الشهر، ماتت رقية بنت أبي الفتح بن قاضي القضاة أبي حامد بن الضياء الحنفي، وهي حاضرة الذهن، ولم يكن لها إلا حرور (١)، ومكثت به يومين وليلتين، وكانت تشتكي الحرارة بيديها ورجليها، وتشتهي شرب الماء فما تقدر على اساغته، وتشرق (٢) وتكاد روحها تطلع من شربه، فلما كان عند موتها، قالت لهم: قبلوا سريري للقبلة، ففعلوا بعد أن حلفتهم أن يفعلوا ذلك، ويذهبوا عنها حتى تستريح فراحوا، فتنفست نفسين وقضت، وصلى


(١) الحرور: المقصود بها شدة الحرارة والسخونة التي كانت سببا لوفاتها. البستاني: الوافي، ص ١٣٤.
(٢) الشرقه: الغصة. إبراهيم أنيس ورفاقه: المعجم الوسيط ١/ ٤٨٠.