للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيت الرحبي إلى أن اتفقوا فقال الباش على إعطاء كل مملوك ثمانية دنانير عن شهرين وهم مائة وقريب الثلاثين بألف ومائتين وشيء وانفضوا، ثم سمعنا ثاني يوم أن المحتاجين منهم نحو الثلاثين واستقر الحال على إعطائهم فقط والآخرون ليسوا محتاجين أو يردونهم ولم يتحقق شيئا وكان للأمير حاصل حب بعيد عنه فباع منه آخر ذلك اليوم على الحبابين جملة كل غرارة بثمانية أشرفية وقرب باقية إليه ومسك الختالين وضرب بعضهم على أن [دلوهم] (١) على حواصل الناس حبا وزبيبا وتمرا وغيرهم فأرسلهم مع بضع جماعته إلى الحاصل وجاؤا بما لقيوه كرها على أصحابه. وكان مما أخذ حب لعنقا (٢) دره عند ولد الطحطاوي، ولأحمد بن راشد فكوتب السيد بركات بذلك فأرسل يقول له أن هذا الحب لعنقا ولأولاد الشريف محمد وما في هذا مصلحة لبعض من معه شيء وأخذ [منه] (٣) شيئا على سبيل القرض واصرف على أثنين وثلاثين مملوكا كل واحد سبعة دنانير وحال الباقون بطلب شيء فاجتمع بنائب جدة وألبسه خلعة وأعطاه مما طلبوه من القرض ألف دينار وكأنها ليخلوا بينه وبين التجار (٤).

وفي ليلة الثلاثاء رابع الشهر جاء السيد قايتباي لمكة واجتمع بالباش وعاد متوجها لجدة للاجتماع بنائبها الأمير حسين يخبره عن توجه القضاة والباش والتجار


(١) وردت الكلمة في الأصل "دلوه" والتعديل من (ب) لسياق المعنى.
(٢) يقصد به عنقا بن وبير النموي.
(٣) وردت الكلمة في الأصول "من" وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.
(٤) يشير النص إلى حالة الخزانة العامة في أواخر عصر دولة المماليك الجراكسة، وذلك بسبب تنازع الأمراء على الحكم، واكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، حتى عجزت الدولة عن إعطاء رواتب الجند السلطاني، لذا كان الجند المملوكي يعتدي على أموال الناس ويسلبها وبعضهم يوهم التجار أنهم يعطيهم الثمن عندما تصل جرايتهم، فكانوا يقومون بالانتفاضات الثورية في مصر ومختلف الولايات، والدولة عاجزة عن حماية التجار، ولعل ذلك يدل على تفاقم الأزمة الاقتصادية. ويشير المصنف إلى ذلك في حوادث تالية. انظر: ليلى عبد اللطيف أحمد: مصر على مفرق الطرق (خاير بك المملوكي)، ص ١٥ - ١٩.