للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجاهدية بباب العمرة التي صارت مدرسة لداود (١) باشا، فحضر القضاة الأربعة فأفتى الشيخ نور الدين علي بن ناصر بحل القهوة وجوز استعمالها ووافقه على ذلك كثير من الحاضرين، وأفتى شمس الدين الخطيب بتحريمها ووافقه على ذلك الشيخ محمد النجمي الحنفي، والشيخ عبد الله باكثير الحضرمي، ووقع التعصب من المحرمين فسألوا عن سبب التحريم فزعموا أنها مسكرة وأحضروا شخصا يقال له حافظ الأعجمي، [والثاني] (٢) يقال له حزيه بريه وشهدوا أنها مسكره مغيرة للعقل، فأمر الباش حينئذ بمسك بياعي القهوة وأخذ جميع ما معهم من القشر، وأحرقه في المسعى تحت مأذنة علي ومنع من بيعها، فلم يفد ذلك ولم تزداد القهوة إلا طهورا، وكتب الشيخ علي ناصر في ذلك كتاب سماه إثبات القهوة المردده لمن أطلق تحريم القهوة المجددة (٣).


(١) هو داود باشا قدم مصر عام ٩٤٥ هـ فأقام بها واليا واستمر في الولاية ١١ عاما إلى أن مات عام ٩٥٦ هـ، كان حاكما مهابا سفاكا للدماء ظالما. انظر: النهروالي: البرق اليماني، ص ٧٨ وما بعدها. وقد أنشأ داود باشا هذه المدرسة في القرن العاشر في مكة، وجعل فيها مدرسا من أهل العلم، والدين، والصلاح، حنفي المذهب، يقرره الناظر بمعرفة المتولي، ويدرس لمن يرد عليه، ويختار الاستفادة منه، وكان يدرس بالمدرسة العلوم الشرعية، كما أعدت المدرسة أيضا لقراءة القرآن الكريم. انظر: محمد بيومي: مخصصات الحرمين الشريفين في مصر، ص ٣٦١ - ٣٦٢.
(٢) ما بين حاصرتين تكرر في الأصل.
(٣) يشير المصنف إلى قضية كثر الكلام عنها بالحل أو الحرمة في أواخر القرن التاسع وأوائل القرن العاشر الهجري، وهي مسألة "شرب القهوة" ومن المعروف أن لليمن فضل التعريف بها وانتشارها في العالم المتحضر وإن وجدت أصول شجرة البن في بلدان أخرى كالحبشة والصومال، إلا أن اليمن هو البلد الذي عرف العالم هذا الشراب، وقد سجل المؤرخون والفقهاء فتاوى ورسائل تدعوا إلى حله أو تحرمه. وكان فقهاء آخر القرن التاسع وأوائل القرن العاشر هم أصحاب الفضل الأكبر في البحث عن حل القهوة ووصفها، وممن أحلها حمزة الناشري، وأحمد بن عمر، والعلامة أحمد ابن الطيب الضبداوي، وعبد الله بامخرمة، ويقال أن -